نافيةً لكلام مقدّر، ولكنّ التحقيق أن هذا قسم بدليل قوله تعالى:"وإنه لقسم لو تعلمون عظيم".
١٥ - الاختلاف في الاستثناء في نوعه وعَوْده: مثاله قوله تعالى: {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالدَّمُ وَلَحْمُ الْخِنْزِيرِ وَمَا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ وَالْمُنْخَنِقَةُ وَالْمَوْقُوذَةُ وَالْمُتَرَدِّيَةُ وَالنَّطِيحَةُ وَمَا أَكَلَ السَّبُعُ إِلَّا مَا ذَكَّيْتُمْ}[المائدة: ٣] فقد اختُلف في عَوْد الاستثناء في قوله {إِلَّا مَا ذَكَّيْتُمْ} وفي نوعه، فقيل: إنه استثناء متصل مختص بقوله {وَمَا أَكَلَ السَّبُعُ} وبناءً عليه يقتضي المعنى تحريم المذكورات إلَّا ما أُدركتْ ذكاته ممّا أكل السبع، وقيل: إنه استثناء منقطع، وبناءً عليه يقتضي المعنى تحريم المذكورات كلها، لكن ما ذكيتم أنتم فهو الذي يحلّ لكم وقيل: إنه استثناء متصل راجع على كل ما يمكن عوده إليه من المذكورات ممّا يمكن ذكاته قبل موته. وهو قول جمهور العلماء وأقول ما دام هذا قول جمهور العلماء فغيره مردود، ثمّ إن هذا ناشيء عن اختلافهم في أصل المسألة، وليس مرده الاستثناء في الآية الكريمة.
١٦ - الاختلاف في معاني الحروف: من أمثلته قوله تعالى: {وَلَوْ نَشَاءُ لَجَعَلْنَا مِنْكُمْ مَلَائِكَةً فِي الْأَرْضِ يَخْلُفُونَ}[الزخرف: ٦٠] فقد اختلف في تفسيرها للاختلاف في معنى "من" في قوله "منكم" فقيل. المعنى "لجعلنا بدلكم". فتكون "من" هنا للبدلية. وقيل: المعنى: ولو نشاء لقلبنا الخِلقة فجعلنا بعضكم ملائكة يخلفون من ذهب منكم فتكون "من" للتبعيض والحق أن الاختلاف في المعنى هو الذي نشأ عنه الاختلاف في معنى "من" فالإعراب فرع المعنى دائمًا، وليس كما قال الكاتب.
١٧ - إغفال دلالة سياق الآية: مثاله قوله تعالى: {وَطَلْحٍ مَنْضُودٍ}[الواقعة: ٢٩] فقد ذكر بعض المفسّرين أن الطّلح هو الموز، واعترض بعض أهل اللغة بأن الطّلح عند العرب هو شجر كثير الشوك، وردّ الكاتب اعتراضهم لأنَّ سياق الآيات سياق امتنان.
١٨ - التعصب المذهبي: ومن أمثلته قوله تعالى: {وَإِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَلَا تَعْضُلُوهُنَّ أَنْ يَنْكِحْنَ أَزْوَاجَهُنَّ}[البقرة: ٢٣٢] أشار الكاتب إلى أن الجصاص استدلّ بالآية على أنَّه يجوز للمرأة أن تعقد على نفسها دون وليّ ولا إذن وليّ.