للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

١٢ - احتمال الكلام التقديم والتأخير، وتقدير إعادة الترتيب: ذكر الكاتب أن السيوطي جعله قسمين:

الأوّل: ما أشكل معناه بحسب الظاهر، فلمّا عرف أنَّه من باب التقديم والتأخير اتّضح. والثاني: ما ليس كذلك، وهو الذي لا يتوقف فهم معناه على تقدير التقديم والتأخير، وإنما لتقديمه أسباب وأسرار، على أن الأصل إقرار الكلام على نظمه وترتيبه، فلا يصار إلى القول بالتقديم والتأخير إلا بمحجّة وقرينة.

وقد مثل الكاتب لهذا السبب بأمثلة منها قوله تعالى: {كُتِبَ عَلَيْكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ إِنْ تَرَكَ خَيْرًا الْوَصِيَّةُ لِلْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ} [البقرة: ١٨٠] والتقدير: كتب عليكم الوصية إذا حضر أحدكم الموت. والمواد قبل حضور الموت؛ لأنه إذا حضر موته فهو في شغل شاغل. والحق أن ليس في هذه الآية خلاف بين المفسِّرين وإنما تقديم الشرط على قوله الوصية لحكم بيانية ليس محلّ ذكرها هنا.

١٣ - احتمال وجود حذف واحتياج الكلام إلى تقدير محذوف مثاله قوله تعالى: {أَفَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ وَأَضَلَّهُ اللَّهُ عَلَى عِلْمٍ} [الجاثية: ٢٣] فقد اختلف في قوله سبحانه: "وأضله الله على علم" بحسب اختلاف التقدير فقيل: على علم من العبد بضلال نفسه، وقيل على علم من الله تعالى بضلال العبد. وهذا يرجع إلى الاختلاف في المعنى لا كما ذكر الكاتب.

١٤ - احتمال كون الكلمة صلة في سياق الكلام. وقد أشار الكاتب في الحاشية إلى أن بعض المفسّرين عبروا بأنّها زائدة، لكن تأدّبًا مع القرآن الكريم ودفعًا لسوء الفهم يعبّر بالصلة (١)، ومثل لها الكاتب بأمثلة منها قوله تعالى: {فَلَا أُقْسِمُ بِمَوَاقِعِ النُّجُومِ (٧٥) وَإِنَّهُ لَقَسَمٌ لَوْ تَعْلَمُونَ عَظِيمٌ} [الواقعة: ٧٥ - ٧٦] فقد اختلف في (لا) بين كونها صلةً لتأكيد الكلام وتقويته، وبين كونها نافيةً للقسم نفسه أو


(١) الصلة اصطلاح الكوفيين، والزائد اصطلاح البصريين.

<<  <  ج: ص:  >  >>