للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

هو الأساس والأصل، والحركات الإعرابية دوالٌّ على المعاني، فهي تعبر عن المعنى المقبول في الآية، لكن لا يجوز أن نقول إن الاختلاف في التفسير ناشئ عن الاختلاف في الإعراب، فالصحيح أنّ اختلاف المعنى نشأ عنه اختلاف الإعراب، لا أنّ اختلاف الإعراب نشأ عنه اختلافُ المعنى، ومن ثمّ اختلاف التفسير وإليكم هذه الأمثلة:

١ - قال تعالى: {وَاتَّبَعُوا مَا تَتْلُو الشَّيَاطِينُ عَلَى مُلْكِ سُلَيْمَانَ وَمَا كَفَرَ سُلَيْمَانُ وَلَكِنَّ الشَّيَاطِينَ كَفَرُوا يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ وَمَا أُنْزِلَ عَلَى الْمَلَكَيْنِ بِبَابِلَ هَارُوتَ وَمَارُوتَ} [البقرة: ١٠٢].

للمفسّرين أكثر من رأي في فهم الآية الكريمة: ذهب كثيرون إلى أنّ هناك ملكين نزلا إلى الأرض يعلّمان الناس السحر ونسجوا حول هذا الموضوع قصصًا عجيبة. وذهب المحققون إلى أنّ هذا من الإسرائيليات التي ينبغي أن ننزه القرآن عنها وقالوا: ليس هناك ملكان نزلا. وقد فُصّل هذا في موضعه.

ونتج عن هذا الاختلاف في فهم المعنى اختلاف في الإعراب، فعلى الرأي الأوّل تكون (ما) اسمًا موصولًا والمعنى: يعلّمون الناس السحر والذي أُنزل على الملكين. وعلى الرأي الثاني تكون (ما) نافية والمعنى: ولمْ ينزلْ على الملكين شيءٌ.

فقد رأيَنْا إذَنْ أنّ اختلاف الإعراب نشأ عن اختلاف المعنى وليس العكس.

٢ - قال تعالى: {لِيَأْكُلُوا مِنْ ثَمَرِهِ وَمَا عَمِلَتْهُ أَيْدِيهِمْ أَفَلَا يَشْكُرُونَ} [يس: ٣٥].

اختلفوا في معني قوله: وما عملته أيديهم. فقال بعضهم: إنّ المعنى: ليأكلوا من ثمر هذا الشجر وليأكلوا مما عملته أيديهم من أنواع الطعام الذي منّ الله به عليهم، وعلى هذا المعنى تكون (ما) اسمًا موصولًا. وقال آخرون - وهو الذي يتفق مع سياق الآيات الكريمات - إنّ المعنى: ليأكلوا من ثمره وهذا

<<  <  ج: ص:  >  >>