في الكتابين. ووقف آخرون عند قوله "في التوراة" وابتدؤوا بقوله "ومثلهم في الإنجيل" فيكون هناك مَثَلان لهم -رضي الله عنهم - أحدهما في التوراة وهو قوله {وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ} وثانيهما في الإنجيل وهو قوله {كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ. . .}[الفتح: ٢٩].
ثامنًا: قال تعالى: {وَالَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ أُولَئِكَ هُمُ الصِّدِّيقُونَ وَالشُّهَدَاءُ عِنْدَ رَبِّهِمْ لَهُمْ أَجْرُهُمْ وَنُورُهُمْ}[الحديد: ١٩] وقف بعضهم عند قوله تعالى: "الشهداء" فيكون المعنى: إن هؤلاء المؤمنين بالله ورسله إيمانًا كاملًا لهم هاتان الصفتان العظيمتان: الأولى: "الصديقون" والثانية: "الشهداء" ويكون المقصود بالشهداء هنا الشهود على غيرهم، وذلك كقوله تعالى {وَيَقُولُ الْأَشْهَادُ هَؤُلَاءِ الَّذِينَ كَذَبُوا عَلَى رَبِّهِمْ}[هود: ١٨]. ووقف بعضهم عند قوله {أُولَئِكَ هُمُ الصِّدِّيقُونَ} وابتدأ بقوله {وَالشُّهَدَاءُ عِنْدَ رَبِّهِمْ لَهُمْ أَجْرُهُمْ وَنُورُهُمْ}. فيكون المقصود بالشهداء الذين استشهدوا في سبيل الله حيث قدموا أنفسهم الغالية في سبيل الله كما نراه الآن في فلسطين والعراق وأفغانستان من مقاومة لقوى البغي والطغيان فجزاهم الله خير الجزاء. على أننا في هذه الآية نرجح الأوّل وهذا هو الأوفق بالسياق.
تاسعًا: {يَسْأَلُونَكَ عَنِ السَّاعَةِ أَيَّانَ مُرْسَاهَا (٤٢) فِيمَ أَنْتَ مِنْ ذِكْرَاهَا} [النازعات: ٤٢ - ٤٣] قال بعض المفسرين: معنى قوله "فيم أنت من ذكراها" أي في أيّ شيء أنت من معرفتها، إن معرفة الساعة من شأن علّام الغيوب، لا يجلّيها لوقتها إلا هو، فيكون قوله (فيم أنت من ذكراها) جملة مستقلة.
وقال آخرون (فيم) إنكار لسؤالهم، أي لِمَ يسألون هذا السؤال، وهم لا يعملون من أجلها؟ ثمَّ ابتدئ الكلام بقوله. أنت من ذكراها، أي إرسالك وأنت خاتم الأنبياء عليك وعليهم صلوات الله وسلامه من علاماتها، وهذا يؤيده قوله - صلى الله عليه وسلم -: "بعثت أنا والساعة كهاتين وأشار إلى