تستقبل الطهر الذي تطلّق فيه. فمن فسّر القرء بالطهر - إذن - حمل الآية على ظاهرها دون تقدير، ومن فسّر القرء بالحيض قدّر محذوفًا، أي "قطلقوهن مستقبلات لعدتهن، التي هي الطهر.
وهكذا نجد أن اختلاف اللغويين في معنى القرء نشأ عنه اختلاف في التفسير، وكتب أحكام القرآن والتفاسير الفقهية فيها كثير لمن أراد أن يستزيد".
ذهب جمهور المفسرين إلى أن هاتين الآيتين الكريمتين جاءتا في أحكام الزناة، وأن هذا الحكم رفع فيما بعد بما جاء في سورة النور من جلد الزاني مائة جلدة إن لم يكن محصنًا، وبما جاء في السنة برجمه إن كان محصنًا وبعض العلماء يسمي هذا نسخًا، وبعضهم لا يسميه نسخًا، لأن النسخ رفع الحكم الشرعي بدليل شرعي إذا لم يكن الحكم مؤقتًا، وفي هذه الآية الكريمة جاء مؤقتا وهو قوله تعالى:{أَوْ يَجْعَلَ اللَّهُ لَهُنَّ سَبِيلًا}، وسواء سميناه نسخًا، أم لم نسمه، فجمهور العلماء على أن الآيتين في أحكام الزناة، وعلى أن هذا الحكم رفع بما جاء في الكتاب والسنة.
ولكن أبا مسلم الأصفهاني ذهب مذهبا آخر وهو أن هاتين الآيتين محكمتان، وليستا في أحكام الزناة، بل إن الآية الأولى وردت في أمر السحاق، وهو ما يكون بين النساء، والثانية وردت في اللواط، ويستند أبومسلم في رأيه إلى أنَّه روي عن مجاهد -رضي الله عنه - وهو مَنْ هو مِن التابعين، وقد نقل الرازي لنا رأي أبي مسلم، ونقله العلماء عن الرازي، وأرى أن أطلعك أخي القارئ على ما لهذا الرأي وما عليه بما فصله خاتمة المحققين الشهاب الألوسي رحمه الله.