في فهم القرآن الكريم، ويتكلف تكلفًا يبعده عن مواطن الحق والصواب.
١ - ولا زلت أذكر أنه قبل سنين، جاءني بحث من إحدى الجامعات، لأحد المدرسين لتحكيمه وتقويمه، وكان الأخ الباحث ممن يرون رأيًا ما في بعض أمور العقيدة، وكان مما قاله ونقله وهو يتحدث عن الوقف في آي القرآن الكريم، وعرض للآية الكريمة في سورة الأنعام، {وَهُوَ اللَّهُ فِي السَّمَاوَاتِ وَفِي الْأَرْضِ يَعْلَمُ سِرَّكُمْ وَجَهْرَكُمْ وَيَعْلَمُ مَا تَكْسِبُونَ}[الأنعام: ٣] فكان رأي الأخ الباحث، أنه ينبغي أن يكون الوقف عند قوله تعالى:{فِي السَّمَاوَاتِ} فنقرأ الآية هكذا، (وهو الله في السموات) ونقف هنا، ونبدأ مستأنفين:(وفي الأرض يعلم سركم وجهركم)، ويقول إن هذا الرأي وإن كان ابن كثير لم يرتضه، فإن شيخ المفسرين ابن جرير -رحمه الله- قد أرتضاه، وبعد تقويمي للبحث أكدت، أن ابن جرير-رحمه الله- لم يقل هذا الرأي، ونقلت قول ابن جرير في صلب التقويم، ثم جاءني البحث من جهة رسمية أخرى، وإذ بالباحث لم يغيّر في البحث شيئًا، ثم جاءني البحث مرة ثالثة، وإذ هو على حاله. فقد أبى الباحث أن يرجع عما كتبه ... وأنا أعجب من مثل هذا الإصرار على خطأ. أنا لا أحجر على الكاتب أن يرى ما يرى، وأن يقول ما يقول، لكن الذي لا يرضاه أحد، ويأباه الشرع الحنيف، ويرده العقل السليم أن نقوّل العلماء ما لم يقولوه، وأن ندّعي على ابن جرير-رحمه الله- ما هو بريء منه، وما أظن أن الباحث لم يرجع إلى تفسير الطبري، لكن يظهر أنه قرأ في تفسير القرطبي عند تفسير هذه الآية، أن رأي ابن جرير الوقف عند قوله سبحانه (في السموات) وأنا على يقين من أن القرطبي لم يكن قد اطلع على تفسير ابن جرير، لأن تفسير ابن جرير لم يعثر عليه إلا متأخرًا، فلم يكن معروفًا عند المشارقة، فضلًا على أن يكون معروفًا عند المغاربة .. كم كان من الخير لهذا الباحث، أن يرجع إلى الحق، وبخاصة فيما يتصل بكتاب الله تبارك وتعالى.
٢ - قرأت في كتاب أسباب اختلاف المفسرين "عند تفسير قوله تعالى: {الَّذِينَ إِنْ مَكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ