هناك تأويلات كثيرة خرج بها أصحابها عن مدلولات اللفظ ومقتضى السياق، فلقد أول اليقين في قوله تعالى:{وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ}[الحجر: ٩٩] بالوصول وقالوا إن من وصل فليس بحاجة إلى عبادة. وأول "البحرين" في قوله تعالى: {مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ يَلْتَقِيَانِ}[الرحمن: ١٩] بفاطمة وعلي -رضي الله عنهما-، و (البرزخ) بمحمد -صلى الله عليه وسلم-، وقال بعضهم إن أول حرف في القرآن هو الباء وآخر حرف هو السين، وهما يكونان كلمة (بس) أي "القرآن وبس" - وما أكثر التأويلات التي أشاعها أصحابها، ولكنها يقينًا ليست بأبعد مما ذهب إليه الشيخ المراغي في تفسيره.
لقد خرج الشيخ عن السياق واللغة ورأي جمهور المفسرين، فالذين خطفوا الخطفة حولهم الأستاذ من الشياطين إلى الأنبياء والأولياء والمقربين. ثم أهؤلاء الذين قرأوا القرآن على مكث متدبرين، أيكونون بحاجة إلى الخطفة يخطفونها؟ وهذه الشهب التي ملئت بها السماء لرجم مسترقي السمع، يجعلها الشيخ أنواعًا من الحجج والأنوار.
إن هذه التأويلات التي أعجب بها الشيخ ونقلها في تفسيره أقرب ما تكون إلى التأويلات الباطنية، وقد وصلت إلينا من طرق كثيرة ومدارس متعددة، كمدرسة أحمد خان في الهند الذي أنعم عليه الإنجليز بلقب (سير). نعم ليس معنى هذا أن نحجر على العقول في فهم كتاب الله تبارك وتعالى، ولكن في حدود السياق واللغة والمأثور، وكل خروج كالذي رأيناه في تفسير المراغي، مردود مرفوض جملة وتفصيلًا، لأنه - مع ما فيه من مخالفة وشطط - يغري سفهاء العقول بالقرآن، فيؤولون ألفاظه ويحرفون معانيه.
٤ - يفسر بعض الكاتبين آيات قصة أيوب عليه السلام، ويحملها على غير ما تحمل عليه، فقد فسر قوله تعالى:{أَنِّي مَسَّنِيَ الشَّيْطَانُ بِنُصْبٍ وَعَذَابٍ}[ص: ٤١] بإعراض الناس واستهزائهم بالدعوة والداعين، فإن ذلك من عمل الشيطان،