للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وجوه ثلاثة يحتمل أن يكون بين الاثنين فيكون مفاعلة، ويحتمل تكلُّف الفعل تقول تكارهت على كذا إذا فعلته وأنت كاره، وتقول تعاميت عن الأمر إذا تكلفت العمى عنه، وتقول تغافلت، ويحتمل أيضًا الفعل بنفسه كما تقول تباعدت عن الأمر أي بعدت عنه، ولفظ التكاثرفي هذه الآية يحتمل الوجهين الأولين فيحمل التكاثر بمعنى المفاعلة؛ لأنه كم من اثنين يقول كل واحد منهما لصاحبه {أَنَا أَكْثَرُ مِنْكَ مَالًا وَأَعَزُّ نَفَرًا} ويحتمل تكلف الكثرة فإن الحريص يتكلف جميع عمره تكثير ماله" (١).

ولا أدري لماذا تنكر على المفسّرين جهدهم في تفسير كتاب الله وتدّعي ما لا يجوز لها ادّعاؤه.

٣ - تذكر الكاتبة أن الآية لم تحدد موضوع التكاثر فليس من السهل أن نخصه بالمال على ما ذهب الراغب أو نقصره على العدد كما قال الرازي، أو الموتى كما في النيسابوري، كما لا وجه لاحتمال أن يكون التكاثر هنا على الاستغراق والتعميم، وهو ما دعا مفسرين إلى أن ينبهوا إلى قصره على ما هو مذموم، كما أشفقوا أن يخطر ببال أحد أن التكاثر فيما هو خير وطاعة وحق داخل في عموم اللفظ" (٢).

والرازي لم يقصر التكاثر على العدد، بل إنه ذكر أربعة أقوال فيها، الأول منها ألهاكم التكاثر بالعدد، والثاني بالمال، والثالث. ألهاكم الحرص على المال وطلب تكثيره حتى منعتم الحقوق المالية إلى حين الموت، والرابع، ألهاكم التكاثر فلا تلتفتون إلى الدين بل قلوبكم كأنها أحجار لا تنكسِر ألبتة إلا إذا زرتم المقابر (٣).


(١) الرازي ٣٢/ ٧٥.
(٢) ص ٢٠٤.
(٣) الرازي (٣٢/ ٧٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>