للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والقيامة، أي هو قد سوى بين هذه الأمور لتقاربها، فلم يجعل تفسير اليقين بالموت قولًا، وتفسيرها بالبعث قولًا آخر.

والكاتبة تخالف المفسرين (١) وترجح أن اليقين هنا، التحقق وإزاحة الشك، وذلك أنهم قد ذهبوا -تعني المفسرين- إلى أن علم اليقين من إضافة الصفة إلى الموصوف أي إنه علم يقين، وهذا هو القول الأول الذي ذكره الرازي حيث قال: علم اليقين وجهان: أحدهما أن معناه علمًا يقينًا فأضيف الموصوف إلى الصفة كقوله تعالى {وَلَدَارُ الْآخِرَةِ} [يوسف: ١٠٩] وكما يقال مسجد الجامع وعام الأول.

والذي يظهر أن الرازي يرجح القول الثاني وهو تفسير اليقين بالموت، وذلك أن الموت والبعث إذا وقعا جاء اليقين وزال الشك، فالمعنى لو تعلمون علم الموت وما يلقى الإنسان معه وبعده في القبر وفي الآخرة لم يلهكم التكاثر والتفاخر عن ذكر الله ويقول: "وقد يقول الإنسان أنا أعلم علم كذا أي أتحققه، وفلان يعلم علم الطب وعلم الحساب، لأن العلوم أنواع فيصلح لذلك أن يقال علمت علم كذا (٢).

فكلّ ما ادّعت أنه من عندها سُبقتْ إليه.

٥ - ترى الكاتبة أن المفسرين يوجبون الوقف بين قوله: {لَوْ تَعْلَمُونَ عِلْمَ الْيَقِينِ} [التكاثر: ٥] وقوله {لَتَرَوُنَّ الْجَحِيمَ} [التكاثر: ٦]، وتذكر أن وقوفهم وجمودهم عند المصطلح النحوي هو الذي عطل ذوقهم لحس العربية، إذ جعلوا لو شرطًا يحتاج إلى جواب، و (لترون).

وليت شعري إنْ كان المفسّرون قد عطّلوا حسّهم وذوقهم اللغوي وجمدوا


(١) لقد كان المفسرون محقين كل الحق فيما ذهبوا إليه.
(٢) الرازي (٣٢/ ٧٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>