للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأنقل ما قاله شيخ الإسلام ابن تيمية عند قوله تعالى: {أَلْهَاكُمُ التَّكَاثُرُ (١) حَتَّى زُرْتُمُ الْمَقَابِرَ} يقول: "قيل فيها "حتى زرتم المقابر"، تنبيهًا على أن الزائر لا بد أن ينتقل عن مزاره فهو تنبيه على البعث" (١).

ونقل هذا القول كذلك صاحب روح المعاني وزاد عليه قوله: "وفيه إشارة إلى قصر زمن اللبث في القبور" (٢).

نحن لا ننكر على الكاتبة الفاضلة أن تستنتج وتقرر، ولكن الذي ننكره على العصريين أن يستخفهم الإعجاب بأنفسهم فيحملهم أن ينالوا ممن سبقهم وأن تكون أقلامهم معاول لهدم ذلك الصرح الذي شيد على مدى تاريخ هذه الأمة. أفليس من الهدم أن تصف أقوال المفسرين بأنها أقوال مشوشة؛ وذلك لأن كل واحد منهم لا يكتب إلا وهناك فكرة تسيطر عليه؟ إنك لتتمنى أن تجد كلمة ثناء واحدة، إنها تحاول أن تتصيد الأخطاء ولو بغير حق. استمع إليها وهي تخطّيء الزمخشري شيخ البيان وهو يفسر قوله تعالى: {فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا} "ومعنى اصطحاب اليسر والعسر أن الله، أراد أن يصبيهم، يعني المؤمنين، بيسر بعد العسر الذي كانوا فيه بزمان قريب، فقرب اليسر حتى جعله كالمقارن للعسر زيادة في التسلية وتقوية للقلوب" (٣) تقول: إنه تعوزه الدقة في موضعين: التعبير بالبشرى عن الإصابة أولًا والتشبيه في قوله حتى جعل اليسر كالمقارن للعسر.

قل لي بربك أي الكلامين تعوزه الدقة، أكلام جار الله الزمخشري أم كلامها هي؟ كيف نسيت قول الله تبارك وتعالى: {وَإِنْ تُصِبْهُمْ حَسَنَةٌ يَقُولُوا هَذِهِ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ}.


(١) مجموعة فتاوى ابن تيمية ص ٥٧ ج ١٣.
(٢) تفسير روح المعاني ج ٣٠ ص ٢٢٤. ذكر أبو حيان في البحر قال "وسمع بعض الأعراب {حَتَّى زُرْتُمُ} قال بعث القوم للقيامة ورب الكعبة. فإن الزائر منصرف لا مقيم وعن عمر بن عبد العزيز نحو من قول الأعرابي ج ٨ ص ٥٠٧.
(٣) الكشاف للزمخشري ج ٤ ص ٧٧١.

<<  <  ج: ص:  >  >>