٣ - وفي مجال تقييد الجملة بالشرط نقرأ قول الله تعالى في سورة البقرة {فَإِنْ خِفْتُمْ فَرِجَالًا أَوْ رُكْبَانًا فَإِذَا أَمِنْتُمْ فَاذْكُرُوا اللَّهَ كَمَا عَلَّمَكُمْ مَا لَمْ تَكُونُوا تَعْلَمُونَ}[البقرة: ٢٣٩] حيث جاءت الجملة الأولى التي ذُكر فيها فعل الخوف مقيّدة بـ (إنْ) والثانية التي ذُكر فيها الأمن مقيدة بـ (إذا). وعلماء البيان بينوا بيانًا شافيًا الفرق بين الأداتين: إنْ وإذا، حيث ذكروا أنّ (إذا) تكون للأمر المحقّق على عكس (إنْ).
- نقرأ قول الله تعالى في سورة الممتحنة:{يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا جَاءَكُمُ الْمُؤْمِنَاتُ مُهَاجِرَاتٍ فَامْتَحِنُوهُنَّ}[الممتحنة: ١٠] ونقرأ في الآية التي تليها: {وَإِنْ فَاتَكُمْ شَيْءٌ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ إِلَى الْكُفَّارِ فَعَاقَبْتُمْ فَآتُوا الَّذِينَ ذَهَبَتْ أَزْوَاجُهُمْ مِثْلَ مَا أَنْفَقُوا}[الممتحنة: ١١] ولمّا كان مجيء المؤمنات مهاجرات أمرًا محققًا شهد التاريخ بتحققه عُبِّر بـ (إذا) ولمّا كان ارتداد المرأة عن الإسلام أمرًا نادرًا أو غير واقع عُبِّر بـ (إنْ)(١).
٤ - صيغ الأفعال: أمّا في صيغ الأفعال فنقرأ التعبير بالفعل الماضي تارة وبالفعل المضارع تارة أخرى، وقد يكون ذلك في جملة واحدة مثل قوله تعالى:{فَفَرِيقًا كَذَّبْتُمْ وَفَرِيقًا تَقْتُلُونَ}[البقرة: ٨٧] وقد يكون في جملتين مختلفتين. قال تعالى:{قَال هَذَا مِنْ فَضْلِ رَبِّي لِيَبْلُوَنِي أَأَشْكُرُ أَمْ أَكْفُرُ وَمَنْ شَكَرَ فَإِنَّمَا يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ}[النمل: ٤٠] , على حين نقرأ في سورة لقمان:{وَلَقَدْ آتَيْنَا لُقْمَانَ الْحِكْمَةَ أَنِ اشْكُرْ لِلَّهِ وَمَنْ يَشْكُرْ فَإِنَّمَا يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ}[لقمان: ١٢] فانظروا -علمني الله وإياكم- كيف عُبّر عن الشكر بصيغتين مختلفتين.
وفي سورة النازعات نقرأ قول الله تعالى: {يَقُولُونَ أَإِنَّا لَمَرْدُودُونَ فِي الْحَافِرَةِ (١٠) أَإِذَا كُنَّا عِظَامًا نَخِرَةً (١١) قَالوا تِلْكَ إِذًا كَرَّةٌ خَاسِرَةٌ} [النازعات: ١٠ - ١٢] فلقد ذكر الفعل المضارع أولًا (يقولون) ثم ذكر الفعل الماضي (قالوا)، وهذا فيه ما فيه