للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

-رحمهم الله- أنّهم قد يتركون المعنى القريب للكلمة ويبحثون لها عن معنى آخر تعين عليه اللغة. وإليكم هذا المثال.

قال تعالى: {وَاضْرِبْ لَهُمْ مَثَلًا رَجُلَيْنِ جَعَلْنَا لِأَحَدِهِمَا جَنَّتَيْنِ مِنْ أَعْنَابٍ وَحَفَفْنَاهُمَا بِنَخْلٍ وَجَعَلْنَا بَيْنَهُمَا زَرْعًا (٣٢) كِلْتَا الْجَنَّتَيْنِ آتَتْ أُكُلَهَا وَلَمْ تَظْلِمْ مِنْهُ شَيْئًا وَفَجَّرْنَا خِلَالهُمَا نَهَرًا (٣٣) وَكَانَ لَهُ ثَمَرٌ فَقَال لِصَاحِبِهِ وَهُوَ يُحَاوِرُهُ أَنَا أَكْثَرُ مِنْكَ مَالًا وَأَعَزُّ نَفَرًا (٣٤)} [الكهف: ٣٢ - ٣٤].

والمعنى القريب للثمر هو ما تحمله الشجر وبهذا فسره بعض المفسرين لكنّ بعض المحققين لم يرض هذا التفسير؛ لأنه يترتب عليه محظور ينبغي أن نجل القرآن الكريم عنه، بيان ذلك:

أنه جاء في الآية الكريمة {كِلْتَا الْجَنَّتَيْنِ آتَتْ أُكُلَهَا} والأُكل هنا هو الثمر، فإذا فسرنا الثمر في قوله تعالى {وَكَانَ لَهُ ثَمَر} بما تحمله الشجر، كان ذلك تكرارًا ما عهدناه في أسلوب الكتاب الكريم؛ لذا ذهب بعض المحققين إلى أن معنى الثمر في الآية الكريمة أنواع المال من نقد أو ذهب وفضة وغير ذلك، وهذا أمر لا تنكره اللغة، قال الشهاب الألوسي -رحمه الله:

"ثمر: أنواع المال كما في القاموس وغيره، ويقال ثَمَّر إذا تموَّل، وحمله على حمل الشجر كما فعل أبو حيان وغيره غير مناسب للنظم" (١). جزى الله أئمتنا عن كتاب الله وعنا خير الجزاء.

خامسًا: قال تعالى: {قَالتْ إِنِّي أَعُوذُ بِالرَّحْمَنِ مِنْكَ إِنْ كُنْتَ تَقِيًّا} [مريم: ١٨].

سادسًا: قوله تعالى: {قُلْ إِنْ كَانَ لِلرَّحْمَنِ وَلَدٌ فَأَنَا أَوَّلُ الْعَابِدِينَ} [الزخرف: ٨١].

ذهب بعض المفسرين إلى أنّ (إنْ) في الآيتين الكريمتين نافية. فمعنى "إنْ كنتَ ثقيفًا": ما كنتَ تقيًا، ومعنى "إن كان للرحمن ولد": ما كان للرحمن ولد.


(١) روح المعاني (٥/ ٢٧٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>