للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَنْدَادًا يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ اللَّهِ} [البقرة: ١٦٥] وقوله تعالى: {وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُعْجِبُكَ قَوْلُهُ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا} [البقرة: ٢٠٤] وقوله تعالى: {وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْرِي نَفْسَهُ ابْتِغَاءَ مَرْضَاتِ اللَّهِ} [البقرة: ٢٠٥] وهذا التركيب كثير في القرآن الكريم.

المعلوم بداهة أن الجارّ والمجرور في مثل هذه الجمل يكون خبرًا مقدمًا، وما بعده مبتدأ مؤخرًا، فإذا قلنا (على الله الاعتماد) و (من الله العون)، و (بالله الثقة) و (لله الأمر) فإن الجارّ والمجرور خبر مقدم، وما بعده مبتدأ مؤخر ولكن العلامة أبا السعود شيخ الإسلام رحمه الله رحمة واسعة، ذهب مذهبًا آخر فقال: ومن الناس في محل رفع مبتدأ، فمن تبعيضية، والمعنى وبعض الناس من يقول آمنا، وبعض الناس يتخذ من دون الله أندادًا، وبعض الناس يجادل في الله بغير علم، وبعض الناس يعبد الله على حرف، ففي هذه الجمل كلها وغيرها مما يشبهها يعرب الجارّ والمجرور في محل الابتداء، وما بعده الخبر.

ولكن ما الذي حمل على هذا الإعراب؟

الناظر فيما قاله أبو السعود يجد الملحظ الدقيق الشفاف في فهم الكتاب الكريم فنحن نعلم أن المبتدأ ينبغي أن يكون معلومًا لدى المخاطبين، وأن الخبر هو الذي تتم به الفائدة. قال ابن مالك رحمه الله في الألفية.

والخبر الجزء المتم الفائدة ... كالله برٌ والأيادي شاهدة

فإذا جعلنا (ومن الناس) خبرًا و (من يقول) مبتدأ، يصير التركيب هكذا "ومن يقول آمنا بالله وباليوم الآخر من الناس" و"من يعجبك قوله في الحياة الدنيا من الناس" و"من يجادل في الله بغير علم من الناس"، ومثل هذا التركيب لا فائدة فيه، ويجلّ عنه القرآن الكريم، لأن كون هؤلاء من الناس

<<  <  ج: ص:  >  >>