المعنى الإجمالي للآية الكريمة: أن من ظنّ أن الله لن يبلغه ما يصبو إليه فليأت بحبل يربط به نفسه، ثم يربطه بمكان عالٍ مرتفع، ثم ليقطع هذا الحبل، وليقض على نفسه، فإنه لن يُذهِب كيدُه غيظَه، وإنما ضرّ نفسه ليس إلا.
وقد اختلف المفسرون في هذه الآية في أكثر من موضع، ولكن أشهر الخلافات كان في مرجع الهاء في قوله تعالى:{أَنْ لَنْ يَنْصُرَهُ اللَّهُ} فبعضهم رجع هذه الهاء إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- ومعنى الآية عنده، من كان يظن ألن ينصر الله نبيه فليفعل ما يشاء، وليشنق نفسه، فإن الله ناصر نبيه -صلى الله عليه وسلم-، واختار هذا المعنى الإمام الطبري.
ودذهب آخرون إلى أن الهاء ترجع إلى الشخص المتحدث عنه، إلى (من)، أي أيها الإنسان الذي يظنّ أن الله لن يبلغه ما يريد وعز عليه هذا ليفعل بنفسه ما يشاء.
والاختلاف الثاني في قوله تعالى (ينصر) فبعضهم حمل النصر على حقيقته المعروفة وبعضهم فسره بالرزق، قال {أَنْ لَنْ يَنْصُرَهُ} أن لن يرزقه.
والاختلاف الثالث:{فَلْيَمْدُدْ بِسَبَبٍ إِلَى السَّمَاءِ}[الحج: ١٥] اختلفوا في المقصود بالسماء، فقال بعضهم هي السماء المعروفة، وبعضهم قال: سقف البيت، وهذا خلاف لا يترتب عليه كبير فائده. وقد حاول ابن جرير -رحمه الله- بقوة عارضته وسطوع حجته أن ينتصر للقول الأول، وهو أن المقصود الرسول -صلى الله عليه وسلم-، ولكن الذي يرجحه سياق الآيات، وقاله أكثر المحققين، وهو الذي يستحق الترجيح -مع اعتذارنا لابن جرير- هو أن الضمير في قوله (ينصره) يرجع إلى الشخص نفسه؛ لأن الرسول -صلى الله عليه وسلم- لم يُتحدث عنه في الآيات الكريمات، ولأن الحديث قبل هذه الآية الكريمة عن الذي يعبد الله على حرف ويدعو من دون الله ما لا يضره ولا ينفعه. هذا الذي يترجح في فهم الآية الكريمة.