وهكذا اختلافهم في المنافع في قوله تعالى:{لَكُمْ فِيهَا مَنَافِعُ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى}[الحج: ٣٣] يرجع فيها إلى معنى الشعائر، فإن قلنا إن الشعائر هي الذبائح، فتكون المنافع هي ركوبها وحلبها، وإن قلنا إن الشعائر هي أعمال الحج، فالمنافع هي ما يبتغيه الإنسان من أجر الدنيا والآخرة.
* الآية الثانية عشرة: قال تعالى: {وَأَطْعِمُوا الْقَانِعَ وَالْمُعْتَرَّ}[الحج: ٣٦].
ومع اختلافهم في معنى القانع اختلافًا كثيرًا، إلا أن أرجح الأقوال أن القانع السائل، والمعتر الذي لا يسأل، وهذا ما رجحه كثير من العلماء، ومما قالوه في هذا: العبدُ حر إن قَنِع، والحر عبد إن قَنَعَ، فهناك قَنِع بكسر النون على وزن شرِب، وهناك قَنَع بفتحها على وزن فَتَح، فالأول من القناعة ولهذا قالوا العبد حر إن قنِع، أي إن العبد إذا لم يسأل فأخلاقه أخلاق الحر، والحر عبد إن قنَع بفتح النون، أي إذا سأل، فإن ذلك ينزله إلى مرتبة العبد، لأن السؤال لا يليق بذوي الكرامات.
اختلفوا في هذا اليوم فبعضهم جعله من أيام الدنيا مستدلًا بقوله تعالى:{يُدَبِّرُ الْأَمْرَ مِنَ السَّمَاءِ إِلَى الْأَرْضِ ثُمَّ يَعْرُجُ إِلَيْهِ فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ أَلْفَ سَنَةٍ مِمَّا تَعُدُّونَ}[السجدة: ٥].
وبعضهم جعله من أيام الآخرة، ولعشاق التفسير العلميّ رأي آخر، والأولى أن نبقي تفسير مثل هذه الآيات على ما هو عليه والله أعلم بما ينزل.