اختلف المفسرون في السر في مغايرة النظم، حيث قال سبحانه {وَكُذِّبَ مُوسَى} ولم يقل "قوم موسى" ومن هم المكذبون؟
ذكر بعض المفسرين أن المكذب له عليه الصلاة والسلام القبط، وليسوا قومه، فإن قومه وهم بنو إسرائيل لم يكذبوه بأسرهم، ومن كذبه منهم تاب إلا اليسير، وتكذيب اليسير من القوم كلا تكذيب، ولم يأت النظم (كذب موسى القبط) بل جاء الفعل (كذب) مبنيًّا للمجهول فللإيذان بأن تكذيبهم له عليه الصلاة والسلام في غاية الشناعة لكون آياته في كمال الوضوح (١).
إن التغير في النظم (كذبت قوم نوح ... وكذب موسى) يبدو -والله أعلم- لأمور عدة:
الأول: ما ذكره أبو السعود من أن موسى عليه السلام أعطي من الآيات الكثيرة الواضحة، فتكذيبها مع كثرتها ووضوحها أشنع وأبشع.
الثاني: البيان أن سيدنا موسى عليه الصلاة والسلام بعث لفئتين متناقضتين من الناس، هما:
١ - الفئة المستبدة الظالمة وهم قوم فرعون.
٢ - الفئة المستضعفة الذليلة وهم بنو إسرائيل.
فلو قال سبحانه (قوم فرعون) وحدهم لا يكفي، ولو قال (قوم موسى) وحدهم لا يكفي، فجاء النظم هكذا بـ (كذب) ليفي بالغرض المطلوب وليشمل المقصود وهم قوم فرعون وقوم موسى معًا.
الثالث: لبيان المعاناة الشديدة التي لاقاها سيدنا موسى عليه الصلاة والسلام في دعوته -فلم يرسل إلى قوم فرعون وحدهم، ولا إلى بني إسرائيل فحسب،