فيها إنزال الماء ثم إنه لو نصب الفعل المضارع (تصبح) لتغير المعنى تغيّرًا تامًّا وهذه دقيقة من الدقائق حيث يصير المعنى: إن الأرض غير مخضرة.
وما أجمل كلمة الزمخشري -رحمه الله- "فإن قلت: فما له رفع ولم ينصب جوابا للاستفهام؟ قلت: لو نصب لأعطى عكس الغرض لأن معناه إثبات الاخضرار فينقلب بالنصْب إلى نفي الاخضرار، مثاله أن تقول لصاحبك: ألم تر أني أنعمت عليك فتشكر، إن نصبت فأنت نافٍ لشكره شاكٍ تفريطه فيه، وإن رفعته فأنت مثبت للشكر. وهذا وأمثاله مما يجب أن يرغب له من اتسم بالعلم في علم الإعراب وتوقير أهله"(١).
اختلفوا في مرجع الضمير، فذهب الأكثرون إلى أن المقصود به هو اسم الجلالة، مستدلين بقراءة شاذة (الله سماكم المسلمين) وذهب بعضهم إلى أن مرجعه أبونا إبراهيم -صلى الله عليه وسلم-، وهذا القول رجحه أبو حيان في البحر المحيط.
وعندما نوازن بين القولين، يبدو لنا -والله أعلم بما ينزل- أن الضمير يرجع إلى أبينا إبراهيم -صلى الله عليه وسلم-.
أما أولًا: فلأن ما استدلوا به من القراءة لا يصلح مرجحًا.
وأما ثانيًا: فلأنه لو كان الضمير يرجع إلى اسم الجلالة، لكان مجيء النظم على غير ما جاء عليه في الآية الكريمة؛ فلقد ذكر الضمير المنفصل في الآية الكريمة مرتين أولًا في قوله {هُوَ اجْتَبَاكُمْ}، وهذا الضمير لا خلاف في رجوعه إلى الله تبارك وتعالى. والثاني {هُوَ سَمَّاكُمُ الْمُسْلِمِينَ مِنْ قَبْلُ} وهذا الذي اختلف فيه فلو كان مرجع الضميرين واحدًا لقيل (هو اجتباكم