حيث وسط بين طرفي الجملة يجب أن يكون مدارًا لحكمها، أعني كون الملك لله عز وجل وما يتفرع عليه من الإثابة والتعذيب، ولا ريب في أن إيمانهم أو زوال مريتهم ليس ممّا له تعلق ما بما ذكر، فضلًا عن المدارية له، فلا سبيل إلى اعتبار شيء منهما مع اليوم قطعًا) (١).
النحويون مجمعون على أن الفعل المضارع يجب نصبه في مواضع منها أن يأتي بعد الاستفهام تقول لمن لم يستفد من تعليمك إيّاه: ألم أعلمك فتستفيد، ولمن أنعمت عليه فلم يقابل نعمتك بالشكر:"ألم أنعم عليك فتشكرَ" بنصب هذين الفعلين (تستفيد وتشكر).
لكن ما في الآية الكريمة جاء على خلاف هذه القاعدة، فالقراء مجمعون على رفع الفعل المضارع (تصبح)، وهذا يبين لنا عناية العلماء وهم يقفون أمام آي القرآن الحكيم ليبينوها للناس، قالوا إن الفعل المضارع إنما ينصب بعد الاستفهام إذا كان نتيجة له أو فرعًا عنه هذا أولًا.
وثانيًا: إن الفعل الذي دخل عليه الاستفهام ينبغي أن يكون سببًا للفعل الذي بعده كالمثالين السابقين، فكان ينبغي أن تكون الإفادة مسببة عن العلم، والشكر مسببًا عن الإنعام، فالنعمة سبب الشكر، والتعليم سبب الإفادة.
لكن ما في الآية الكريمة ليس من هذا القبيل، فكون الأرض مخضرة ليس مسببا عن الرؤية، ولنتدبر الآية الكريمة مرة أخرى {أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ أَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَتُصْبِحُ الْأَرْضُ مُخْضَرَّةً}[الحج: ٦٣] فالفعل الذي دخل عليه الاستفهام قوله سبحانه (تر) وهذه الرؤية لا يمكن أن تكون سببًا في اخضرار الأرض، إنما السبب