للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

زيد، فكانت (بل) كلمة عطف ورجوع لا يصلح الوقوف عليها، فزادوا فيها ألفًا يصلح فيها الوقوف عليه، ويكون رجوعًا عن الجحد فقط، وإقرارًا بالفعل الذي بعد الجحد، فقالوا (بلى) فدلت على معنى الإقرار والأنعام، ودل لفظ (بلى) على الوجوع عن الجحد فقط.

وقوله، {وَمَا مَنَعَهُمْ أَنْ تُقْبَلَ مِنْهُمْ نَفَقَاتُهُمْ إِلَّا أَنَّهُمْ كَفَرُوا} [التوبة: ٥٤].

(أنهم) في موضع رفع لأنه اسم للمنع كأنك قلت: ما منعهم أن تقبل منهم إلا ذاك. و (أن) الأولى في موضع نصب (١). وليست بمنزلة قوله: {وَمَا أَرْسَلْنَا قَبْلَكَ مِنَ الْمُرْسَلِينَ إِلَّا إِنَّهُمْ لَيَأْكُلُونَ} [الفرقان: ٢٠] هذه فيها واو مضمرة، وهي مستأنفة (٢) ليس لها موضع. ولو لم يكن في جوابها اللام لكانت أيضًا مكسورة كما تقول: ما رأيت مسهم رجلًا إلا إنه ليُحسِن، وإلا إنه يحسن. يعرِّف أنها مستأنفة أن تضع (هو) في موضعها فتصبح وذلك قولك: ما رأيت منهم رجلًا إلا هو يفعل ذلك. فدلّت (هو) على استئناف إنّ.

وقوله: {فَلَا تُعْجِبْكَ أَمْوَالهُمْ وَلَا أَوْلَادُهُمْ إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ بِهَا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا} [التوبة: ٥٥].

معناه: فلا تعجبك أموالهم ولا أولادهم في الحياة الدنيا. هذا معناه، ولكنه أخِّر ومعناه التقديم -والله أعلم- لأنه إنما أراد: لا تعجبك أموالهم ولا أولادهم هي الحياة الدنيا إنما يريد الله ليعذبهم بها في الآخرة. وقوله. {وَتَزْهَقَ أَنْفُسُهُمْ وَهُمْ كَافِرُونَ} أي تخرج أنفسهم وهم كفار. ولو جعلت الحياة الدنيا مؤخرة (٣) وأردت: إنما يريد الله ليعذبهم بالإنفاق كرها ليعذبهم بذلك في الدنيا، لكان وجهًا حسنًا.


(١) إذًا المصدر المؤول فيها مفعول ثان لمنع.
(٢) يريد أنها في صدر جملة وليست في موضع المفرد. وجملتها في موضع النصب لأنها حال.
(٣) أي غير منوي تقديمها، كما في الرأي السابق.

<<  <  ج: ص:  >  >>