للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقوله: {جَاءَتْهَا رِيحٌ عَاصِفٌ} يعني الفُلك فقال: جاءتها، وقد قال في أول الكلام {وَجَرَيْنَ بِهِمْ} ولم يقل: وجرت، وكل صوب، تقول. النساء قد ذهبت، وذهبن. والفلك تؤنث وتذكر، وتكون واحدة وتكون جمعًا. وقال في سورة يس {فِي الْفُلْكِ الْمَشْحُونِ} [يس: ٤١] فذكر الفلك، وقال ها هنا: جاءتها، فأنث. فإن شئت جعلتها ها هنا واحدة، وإن شئت: جماعًا، وإن شئت جعلت الهاء في (جاءتها) للريح كانك قلت: جاءت الريح الطيبة ريح عاصف. والله أعلم بصوابه. والعرب تقول: عاصف وعاصفة، وقد أعصفت الريح، وعصفت وبالأنف لغة لبني أسد أنشدني بعض بني دبير:

حتى إذا عصفت ريح مزعزعة ... فيها قطار ورعد صوته زجل (١)

وقوله: {يَاأَيُّهَا النَّاسُ إِنَّمَا بَغْيُكُمْ عَلَى أَنْفُسِكُمْ} [يونس: ٢٣].

إن شئت جعلت خبر (البغي) في قوله (على أنفسكم) ثم تنصب (٢) (متاع الحياة الدنيا) كقولك: متعة في الحياة الدنيا. ولصلح الوفع ها هنا على الاستئناف كما قال (٣) {لَمْ يَلْبَثُوا إِلَّا سَاعَةً مِنْ نَهَارٍ بَلَاغٌ} [الأحقاف: ٣٥] أي ذلك (بلاغ) وذلك (متاع الحياة الدنيا) وإن شئت جعلت الخبر في المتاع. وهو وجه الكلام.

وقوله: {لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنَى} [يونس: ٢٦].

في موضع رفع. يقال إن الحسنى الحسنة. (وزيادة) حدثنا محمد قال حدثنا الفراء قال حدثني أبو الأحوص سلام بن سليم (٤) عن أيي إسحاق السبيعي عن رجل عن أبي بكر الصديق رحمه الله قال: للذين أحسنوا الحسنى وزيادة: النظر إلى وجه


(١) مزعزعة: شديدة تحريك الأشجار: وقطار جمع قطر، يريد: ما قطر وسال من المطر. وزجل: مصوت.
(٢) وهي قراءة حفص وابن أبي إسحاق.
(٣) وهي قراءة العامة غير حفص.
(٤) هو الكوفي أحد الأثبات الثقات. توفي سنة ١٧٩ كما في شذرات الذهب.

<<  <  ج: ص:  >  >>