للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الرب تبارك وتعالى. ويقال: (للذين أحسنوا الحسنى) يريد حسنة مثل حسناتهم (وزيادة) زيادة التضعيف كقوله: {فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا} [الأنعام: ١٦٠].

وقوله: {وَالَّذِينَ كَسَبُوا السَّيِّئَاتِ جَزَاءُ سَيِّئَةٍ بِمِثْلِهَا} [يونس: ٢٧].

رفعت الجزاء بإضمار (لهم) كأنك قلت: فلهم جزاء السيئة بمثلها كما قال {فَفِدْيَةٌ مِنْ صِيَامٍ} و {فَصِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ} والمعنى. فعليه صيام ثلاثة أيام، وعليه فدية. وإن شئت رفعت الجزاء بالباء في قوله. {جَزَاءُ سَيِّئَةٍ بِمِثْلِهَا} والأول أعحب إلي.

وقوله: {كَأَنَّمَا أُغْشِيَتْ وُجُوهُهُمْ قِطَعًا} (قِطْعًا) (١). والقطع قراءة العامة. وهي في مصحف أبي (كأنما يغشى وجوههم قطع من الليل مظلم) فهذه حجة لمن قرأ بالتخفيف. وإن شئت جعلت المظلم وأنت تقول قِطْع قطعًا (٢) من الليل، وإن شئت جعلت المظلم نعتا للقطع، فإذا قلت قطعا كان قطعا من الليل خاصة، والقطع ظلمة آخر الليل {فَأَسْرِ بِأَهْلِكَ بِقِطْعٍ مِنَ اللَّيْلِ} [هود: ٨١].

وقوله: {فَزَيَّلْنَا بَيْنَهُمْ} [يونس: ٢٨].

ليست من زُلت إنما هي من زلت ذا من ذا: إذا فرّقت أنت ذا من ذا، وقال (فزيلنا) لكثرة الفعل. ولو قَلَّ لقلت: زِلْ ذا من ذا كقولك: مِزْ ذا من ذا. وقرأ بعضهم (فزايلنا بينهم) وهو مثل قوله: (يراءون ويرُّءون) (٣) (ولا تصعر ولا تصاعر) (٤) والعرب تكاد توفق بين فاعلت وفعّلت في كثير من الكلام، ما لم ترد


(١) هذه قراءة ابن كثير والكسائي ويعقوب.
(٢) يريد أن يكون المظلم حالًا الليل، وكذا في الوجه الآتي في المتحرك. ولو كان (نعتا) كان أظهر، ويكون المراد بالنعت الحال.
(٣) [النساء: ١٤٢]. وقد قرأ بتشديد الهمزة ابن أبي إسحاق.
(٤) [لقمان: ١٨]. قرأ نافع وأبو عمرو والكسائي وخلف "تصاعر" الباقون "تصعر".

<<  <  ج: ص:  >  >>