للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يعمد إلى جمع مسائله، واستكمال فروعه، وإذا لم يشر إليه في كتابه، فليس لابن قتيبة ذنب في ذلك يميل بنا على تخطيه، وأذكر أن الأستاذ الأديب السيد أحمد صقر محقق كتاب المشكل كان -فيما نعلم- أول من اهتدى إلى هذه الحقيقة حيث قال في مقدمة الكتاب (١).

"ولأبواب المجاز التي ذكرها ابن قتيبة في هذا الكتاب قيمة تاريخية كبيرة لأنها ستضيف إلى معارفنا عن تطور البلاغة شيئًا جديدًا، فالذائع الشائع بين الخاصة وغيرهم أن البلاغة العربية طفرت من نثار الجاحظ المبثوث في كتبه إلى بديع ابن المعتز طفرة واحدة، ولم يعرف أحد أن ابن قتيبة قد أسهم في تكوينها وتطويرها بنصيب موفور، فظهور تلك الأبواب في هذا الكتاب يظهرنا على تلك الحقيقة المفقودة في تاريخ البلاغة ويضيف إلى أمجاد ابن قتيبة مجدًا آخر عظيم الشأن سيذكره الذاكرون كلما تحدثوا عن تاريخ البلاغة ونشأتها".

وقد ظهر انتفاع ابن قتيبة بآثار سابقيه في كتاب المشكل ظهورًا لا يخفى على الدارسين، فما أكثر ما اتكأ على الجاحظ وأبي عبيدة فيما نزع إليه من تأويل، وإن تعمّد أنْ يغفل اسم الجاحظ في كل ما انتفع به منه، من ذلك حديثه عن تأويل قول الله تعالى: {أَخْرَجَ مِنْهَا مَاءَهَا وَمَرْعَاهَا} ص ٤ من المشكل فإنه عين كلام الجاحظ في باب العصا ص ٢٦ ج ٣ من البيان والتبيين (٢)، وحديثه عن تأويل قول الله {لَا يُصَدَّعُونَ عَنْهَا وَلَا يُنْزِفُونَ} ص ٥ من المشكل، فإنه من حديث الجاحظ في الحيوان ج ٣ ص ٨٦ (٣) وحديثه عن قول الله {فَإِنْ كُنْتَ فِي شَكٍّ مِمَّا أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ فَاسْأَلِ الَّذِينَ يَقْرَءُونَ الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكَ} ص ٥٨ فإنه من وحي الجاحظ عن البيان والتبيين ج ٢ ص ٩٩٢ (٤).


(١) مقدمة المشكل ص ٦٤.
(٢) الطبعة الثالثة للسندوبي.
(٣) الطبعة الأولى لعبد السلام هارون.
(٤) الطبعة الثالثة للسندوبي.

<<  <  ج: ص:  >  >>