٤ - القرآن في جملته، ويتحدث عن الفقرة القرآنية فيبين لنا خصائص الأسلوب القرآني. ثم يأتي ببعض النماذج ليطبقها تطبيقًا عمليًّا.
وكلام الأستاذ يصعب على الإنسان أن يلخصه أو أن يجتزئ منه.
ولنستمع إليه وهو يتحدث عن خصائص الأسلوب القرآني، فيذكر أولًا:
القصد في اللفظ والوفاء بحق المعنى، وثانيًا: خطاب العامة وخطاب الخاصة، وثالثًا: إقناع العقل وإقناع العاطفة، ورابعًا: البيان والإجمال.
يقول رحمه الله في بيان هذه الخصيصة الأخيرة: (هذا مثل صغير: اقرأ قوله تعالى: {وَاللَّهُ يَرْزُقُ مَنْ يَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ}[البقرة: ٢١٢] وانظر هل ترى كلامًا أبين من هذا في عقول الناس. ثم انظر كم في هذه الكلمة من مرونة، فإنك لو قلت في معناها إنه سبحانه يرزق من يشاء بغير محاسب يحاسبه ولا سائل يسأله لماذا يبسط الرزق لهؤلاء ويقدره على هؤلاء؟ أصبت
ولو قلت: إنه يرزق بغير تقتير ولا محاسبة لنفسه عند الإنفاق خوف النفاد أصبت.
ولو قلت: إنه يرزق من يشاء من حيث لا ينتظر ولا يحتسب، أصبت.
ولو قلت: إنه يرزقه بغير معاتبة ومناقشة له على عمله أصبت.
ولو قلت: يرزقه رزقًا كثيرًا لا يدخل تحت حصر وحساب، أصبت.
فعلى الأول يكون الكلام تقريرًا لقاعدة الأرزاق في الدنيا، وأن نظامها لا يجري على حسب ما عند المرزوق من استحقاق بعلمه أو عمله، بل تجري وفقًا لمشيئته وحكمته سبحانه في الابتلاء، وفي ذلك ما فيه من التسلية لفقراء المؤمنين، ومن الهضم لنفوس المغرورين من المترفين، وعلى الثاني يكون تنبيهًا على سعة خزائنه وبسطة يده جل شأنه، وعلى الثالث يكون تلويحًا للمؤمنين بما سيفتح الله لهم من أبواب النصر والظفر حتى يبدل عسرهم يسرًا وفقرهم غنى من حيث لا يظنون، وعلى الرابع والخامس يكون وعدًا للصالحين إما بدخولهم الجنة بغير حساب، وإما