خلو الأفكار والمشاهد من التفصيلات، متناسبة في تنوعها وانتقالاتها مع تنوع الموضوع، من فعلية غير مؤكدة إلى اسمية مؤكدة إلى استفهامية).
وانظره يأتي بأمثلة تفصيلية من السورة فيقول:(ولو ألقينا نظرة على الآيات وترتيبها وتركيبها، لوجدناها متناسبة مع الأفكار وخصائصها، ولوجدنا تنوعها مقابلًا لتنوع الأفكار، إننا نجد في تركيب الآيات، الأقسام التالية التي تقابل الأقسام الفكرية السابقة.
١ - آيات قصيرة تتألف كل واحدة منها من كلمتين، أولاهما اسم فاعل بمعنى الفعل، أو فعل {وَالْعَادِيَاتِ ضَبْحًا (١) فَالْمُورِيَاتِ قَدْحًا (٢) فَالْمُغِيرَاتِ صُبْحًا (٣) فَأَثَرْنَ بِهِ نَقْعًا (٤) فَوَسَطْنَ بِهِ جَمْعًا} وكلها أفعال تدل على حركات أو أعمال حسية، وثانيتهما أحد المفاعيل. وتخلو هذه الجمل أو الآيات من الزوائد، وتتوالى سراعًا كما تتوالى حركات الخيل في عدوها، وهي كلها جمل فعلية، أو بحكم الفعلية تصور الحركات والحوادث.
٢ - أما آيات القسم الثاني، فهي تتألف من جمل اسمية، تستعمل عادة للتعبير عن الحقائق العامة، مصدرة كلها بـ (إنَّ) المستعملة للتأكيد مع اللام.
٣ - تعود الآيات في القسم الثالث إلى الجمل الفعلية لتصوير مشهد خاطف ليوم القيامة، ولكنها تأتي هنا مصدرة بالاستفهام الإنكاري المثير (أفلا يعلم). ويلفت النظر في هاتين الآيتين، استعمال الأفعال المبنية للمجهول، واستعمال (ما) الموصولة المشعرة بعدم التحديد، وفي ذلك فسح المجال للخيال.
٤ - وتعود الخاتمة مرة أخرى، وهي حقيقة كبرى تمثل الفكرة الأساسية في النص، إلى الجملة الاسمية المؤكدة بـ (إنّ) و (اللام) على طريقة القسم الثاني).