للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

التي فشا فيها التعدد. ولعل هذا الرأي انعكس فيما بعد على كثيرين فتطرف بعضهم، وخرج بعض آخر عن جادة الحق، وأول بعض آخر هذه الآيات، بما يتنافى كليًا مع معناها ويسياقها.

يقول الشيخ محمد عبده (١): (إباحة تعدد الزوجات في الإسلام، أمر مضيق فيه أشد التضييق، كأنه ضرورة من الضرورات التي تباح لمحتاجها، بشرط الثقة بإقامة العدل والأمن من الجور. وإذا تأمل المتأمل مع هذا التضييق، ما يترتب على التعدد في هذا الزمان من مفاسد، جزم بانه لا يمكن لأحد أن يربي أمة فشا فيها تعدد الزوجات، فإن البيت الذى فيه زوجتان لزوج واحد، لا تستقيم له حال ولا يقوم فيه نظام. بل يتعاون الرجل مع زوجاته على إفساد البيت، كان كل واحد منهم عدو للآخر، ثم يجيء الأولاد بعضهم لبعض عدو، فمفسدة تعدد الزوجات تنتقل من الأفراد إلى البيوت، ومن البيوت إلى الأمة).

أما الشيخ البهي الخولي فيقول (٢): (إن التعدد محرم في حال احتمال الظلم، واحتمال الظلم أمر متوقع، لا محالة. فكان إباحة التعدد علقت بأمر يجعله محرمًا أو شبيهًا بالمحرم).

وهذا شيخ آخر هو الشيخ عبد المتعال الصعيدي. يشقشق كعادته، فيكتب مقالًا في مجلة (الرسالة) عام ١٣٦٧ هـ يفتتحه بقوله (نعم ... نملك تحريم تعدد الزوجات) ويشبه تحريم التعدد بتحريم زرع القطن في كثر من ثلث الأرض، إذا أمر الولي بذلك. ويأتي لذلك بتعليلات لا تزيدنا إلا عجبًا منه وإشفاقًا عليه.

وأخيرًا هذا الرجل من رجال القضاء والقانون وهو عبد العزيز فهمي، يتجرأ دون مراعاة لقانون التأويل- على كتاب الله. فيقول (٣): (إن القرآن الكريم يحرم بتاتًا


(١) تفسير المنار جـ ٤ ص ٣٤٩.
(٢) المرأة بين البيت والمجتمع ص ٥٩.
(٣) مجلة المجتمع الجديد.

<<  <  ج: ص:  >  >>