واتجاهاته- بل مأساة الجاهلية كلها في جميع أزمانها وبيئاتها. المأساة التي يضع الإسلام حدًّا لها، بعقيدته الشاملة التي تنشيء في الإدراك البشري، تصورًا صحيحًا لهذا الوجود وما وراءه من قوة مدبرة.
إن (الإنسان) هو ابن هذه الأرض، وهو ابن هذا الكون. لقد أنشأه الله من هذه الأرض ومكنه فيها، وجعل فيها أرزاقًا ومعايش ويسر له المعرفة التي تسلم مفاتيحها وجعل نواميسها موافقة لوجود هذا الإنسان، تساعده حيث يتعرف إليها على بصيرة وتيسر حياته) (١).
ويرد على الداروينية عند تفسير الآية الثانية يقول:
(وعلى أية حال، فإن مجموع النصوص القرآنية في خلق آدم عليه السلام، وفي نشأة الجنس البشري، ترجح أن إعطاء الكائن خصائصه ووظائفه المستقلة، كان مصاحبًا لخلقه. وأن الترقي في تاريخ الإنسان كان ترقيًا في وجود الإنسان، من تطور الأنواع، حتى انتهت إلى الإنسان كما تقول الداروينية.
ووجود أطوار مترقية من الحيوان تتبع ترتيبًا زمنيًا، بدلالة الحفريات التي تعتمد عليها نظرية النشوء والارتقاء، هو مجرد نظرية (ظنية وليست يقينية) لأن تقدير أعمار الصخور ذاته في طبقات الأرض ليس إلا ظنًّا! مجرد فرض كتقدير أعمار النجوم من إشعاعها، وليس ما يمنع من ظهور فروض أخرى تعدلها أو تغيرها.
على أنه -على فرض العلم اليقيني بأعمار الصخور- ليس هناك ما يمنع من وجود (أنواع) من الحيوان في أزمان متوالية، بعضها أرقى من بعض، بفعل الظروف السائدة في الأرض، ومدى ما تسمح به من وجود أنواع تلائم هذه الظروف السائدة حياتها. ثم انقراض بعضها حين تتغير الظروف السائدة، بحيث لا تسمح لها بالحياة. ولكن هذا (لا يحتم) أن يكون بعضها (متطورًا) من بعض.