للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

خليفتهما (خروشوف)، يحمل راية (التعايش السلمي)! ولا نمضي طويلًا مع هذه الحتميات التنبؤية، فهي لا تستحق جدية المناقشة. إن هنالك حقيقة واحدة مستيقنة. هي حقيقة الغيب وكل ما عداها احتمالات. وإن هناك حتمية واحدة، هي وقوع ما يقضىِ به الله ويجري به قدره. وقدر الله غيب لا يعلمه إلا هو. وأن هنالك مع هذا وذاك سننًا للكون ثابتة يملك الإنسان أن يتعرف اليها، ويستعين بها في خلافة الأرض، مع ترك الباب مفتوحًا لقدر الله النافذ، وغيب الله المجهول، وهذا قوام الأمر كله .. {إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ} (١).

وعند تفسيره لقول الله تعالى {وَلَقَدْ مَكَّنَّاكُمْ فِي الْأَرْضِ وَجَعَلْنَا لَكُمْ فِيهَا مَعَايِشَ قَلِيلًا مَا تَشْكُرُونَ (١٠) وَلَقَدْ خَلَقْنَاكُمْ ثُمَّ صَوَّرْنَاكُمْ ثُمَّ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ لَمْ يَكُنْ مِنَ السَّاجِدِينَ} [الأعراف: ١٠، ١١] من سورة الأعراف، يرد على الوجودية والداروينية.

فعند تفسير الآية الأولى، يرد على الوجودية بقوله: (إن مسألة الوجودية الكبرى هي هذا التصور النكد الخبيث .. تصور الوجود الكوني -بل الوجود الجماعي للبشرية ذاتها- معاكسًا في طبيعته الوجود الفردي الإنساني متجهًا بثقله الساحق إلى سحق هذا الوجود الإنساني، إنه تصور بائس لا بد أن ينشئ حالة من الانزواء والانكماش والعدمية، أو ينشئ حالة من الاستهتار والتمرد والفردية. وفي كلتا الحالتين لا يكون إلا القلق المضني، والبؤس النفسي والعقلي، والشرود في التيه. تيه التمرد أو تيه العدم .. وهما سواء وهي ليست مأساة (الوجودية) وحدها من مذاهب الفكر الأوروبي ... إنها مأساة الفكر الأوروبي كله- بكل مذاهبه


= السوفييتي ويمزق شر ممزق بعد استشهاده بأقل من ربع قرن، {فَلِلَّهِ الْحَمْدُ رَبِّ السَّمَاوَاتِ وَرَبِّ الْأَرْضِ رَبِّ الْعَالمِينَ (٣٦) وَلَهُ الْكِبْرِيَاءُ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ} [الجاثية: ٣٦، ٣٧].
(١) الظلال جـ ٧ ص ٢٦٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>