الصالح من الصحابة والتابعين ومن بعدهم، ويعجب الشيخ أبو زهرة لهذا القول إذ إن من الحنابلة من ينكر أن يكون ذلك مذهب السلف (١) ويستنكر قول الذين يزعمون ذلك، ومن هؤلاء ابن الجوزي فقد أخذ عليهم أنهم سموا الإضافات صفات، فاعتبروا الاستواء صفة وأنهم حملوا العبارات على ظاهرها، وأنهم أثبتوا العقائد بأدلة غير قطعية، وأخذ عليهم أنهم اعتبروا ذلك هو علم السلف، فتبين أن علم السلف غير ذلك، وإليك قوله -رضي الله عنه-، وقد حصر أغلاطهم في سبعة مواضع:
الأول: أنهم سموا الأخبار صفات، وإنما هي إضافات وليس كل مضاف صفة، فإنه قال تعالى:{وَنَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي} وليس لله صفة تسمى الروح، فقد ابتدع من سمى المضاف صفة.
والثاني: أنهم قالوا هذه الأحاديث من المتشابه الذي لا يعلمه إلا الله تعالى. ثم قالوا نحملها على ظواهرها.
فواعجبا! لا يعلمه إلا الله تعالى أي ظاهر له، وهل ظاهر الاستواء إلا القعود؟ وظاهر النزول إلا الانتقال؟
والثالث: أنهم أثبتوا لله سبحانه وتعالى صفات بأخبار آحاد وصفات الحق جل جلاله لا تثبت إلا بما تثبت به الذات من أدلة قطعية.
والرابع: أنهم لم يفرقوا في الإثبات بين خبر مشهور كقوله -صلى الله عليه وسلم-: "ينزل الله تعالى إلى السماء الدنيا" وبين خبر لا يصح كقوله: "رأيت ربي في أحسن صورة".
والخامس: أنهم لم يفرقوا بين حديث مرفوع إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- وبين حديث موقوف على صحابي أو تابعي، فأثبتوا بهذا ما أثبتوا بهذا.