للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والسادس: أنهم تأولوا بعض الألفاظ في موضع كقوله: "من أتاني يمشي أتيته هرولة"، قالوا ضرب مثلًا للأنام.

والسابع: أنهم حملوا الأحاديث على مقتضى الحسّ، فقالوا: ينزل بذاته، وينتقل ويتحول بذاته.

ثم قالوا: لا كما نعقل، فغالطوا من يسمع، وكابروا الحس والعقل (١).

ويسترسل ابن الجوزي فيرد هذه الأقوال، ويرد نسبتها إلى السلف، ونسبتها إلى الإمام أحمد خاصة ويقول في ذلك: رأيت من أصحابنا من تكلم في الأصول بما لا يصلح ... رأيتهم قد نزلوا إلى مرتبة العوام، فحملوا الصفات على مقتضى الحس، سمعوا أن الله تعالى خلق آدم على صورته، فاثبتوا له صورة ووجها زائدًا على الذات، وعينين وفمًا ولهوات وأضراسًا، وأضواء لوجهه ويدين وأصابع، وكفًّا وخنصرًا وإبهامًا، وصدرًا وفخذًا وساقين، وقالوا: ما سمعنا بذكر الرأس.

وقد أخذوا بالظاهر في الأسماء والصفات، ولا دليل لهم في ذلك من النقل ولا من العقل، ولم يلتفتوا إلى النصوص الصارفة عن الظواهر إلى المعاني الواجبة لله تعالى، ولا إلغاء ما توجبه الظواهر من سمات الحدث، ولم يقنعوا أن يقولوا صفة فعل، حتى قالوا: إنها صفة ذات، ثم لما أثبتوا أنها صفات قالوا: لا نحملها على توجيه اللغة، مثل يد على نعمة وقدرة، ومجيء وإتيان على معنى بر ولطف ولا ساق غلى شدة، بل. قالوا: نحملها على ظواهرها المتعارفة، والظاهر هو المعهود من نعوت الآدميين، والشيء إنما يحمل على حقيقته إن أمكن، فإن صرف صارف حمل على المجاز، ثم يتحرجون من التشبيه، ويأنفون من إضافته إليهم، ويقولون: نحن أهل السنة وكلامهم صريح في التشبيه، وقد تبعهم خلق من العوام وقد نصحت التابع والمتبوع.


(١) دفع شبه التشبيه ص ٨ مجموع الرسائل.

<<  <  ج: ص:  >  >>