للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقلت لهم: يا أصحابنا أنتم أصحاب نقل واتباع، وإمامكم الأكبر وهو أحمد بن حنبل -رحمه الله- تعالى يقول وهو تحت السياط: كيف أقول ما لم يقل! فإياكم أن تبتدعوا في مذهبه ما ليس منه، قلتم في الأحاديث تحمل على ظاهرها، فظاهر القدم الجارحة، ومن ثم قال: استوى بذاته المقدسة، فقد أجراه سبحانه مجرى الحسيات، وينبغي ألا يهمل ما يثبت به الأصل، وهو العقل، فإنا به عرفنا الله تعالى وحكمنا له بالقدم، فلو أنكم قلتم نقرأ الأحديث ونسكت ما أنكر أحد عليكم، وإنما حملكم إياه على الظاهر قبيح، فلا تدخلوا في مذهب هذا الرجل السلفي الصالح ما ليس فيه.

هذا كلام ابن الجوزي وهو حنبلي، ونلاحظ أنه لم يوافق على ما يأتي:

أ- لم يوافق على أن مذهب السلف هو تفسير الألفاظ الواردة في القرآن والحديث، الدالة بظاهرها على الجوارح كاليد والوجه والقدم على معانيها الظاهرة، بل صرفها إلى معان مجازية، فاليد تطلق على النعمة والقدرة، والوجه على الذات العلية، ويعتبر ذلك مجازًا مشهورًا، وقد صرف إليه صارف من العقل، واستحالة ذلك على الذات العلية.

ب- لم يوافق على أن تفسير هذه الألفاظ بظواهرها هو مذهب الإمام أحمد الذي يتبعونه ويدعون عليه في نظره ما لم يقل.

ج- إنه بالبداهة يرى أن صرف الألفاظ إلى ظواهرها يؤدي إلى الحكم بأنه محسوس وأنه جسم كالأجسام.

د- ولا يرى أن ذلك التفسير هو التفويض، إنما التفويض هو الوقوف عند النص لا يحاول أن يتعرف المراد منه لأن الذي يفسره تفسيرًا حسيًا لا يفوض، بل إنه يفسر، وإن كان لا يؤول.

<<  <  ج: ص:  >  >>