للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قسم يدرك ويفهم.

وقسم يعسر عليه أن يدرك ويفهم الأمور على حقيقتها.

وهذا يكتفي الغزالي منه بنفي المعاني المشبهة غير المنزهة، ثم يمنعه من بعد ذلك من الخوض، وكأنه يعتبر ذلك من علم الخاصة، وليس من علم العامة الذي لا يسع مسلمًا أن يجهله، كما قرر الشافعي.

وإن ذلك النظر بلا ريب نظر سليم، لا مجال لرفضه، ولكن قد يقول قائل: إن مؤدي كلامك أن الراسخين في العلم هم الذين يفسرون، ويؤولون هذه المعاني تأويلًا يتفق مع التنزيه، وهذا يتفق مع قراءة الوصل في قوله تعالى:

{وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ} [آل عمران: ٧].

من غير وقوف عند لفظ الجلالة، ولكن على قراءة الوقوف عند لفظ الجلالة لا يستقيم المعنى، لأن المعنى أن يكون العالم بهذا التشابه هو الله وحده، وهذا التفسير يجعل للراسخين علمًا.

ونقول في الجواب عن ذلك: إن المتشابه ليس مقصورًا على الألفاظ التي توهم التشبيه أو ليس المراد من التأويل هو التفسير، بل المراد به على قراءة الوقوف عند لفظ الجلالة معرفة المآل، ولا يعرف المآل يوم القيامة إلا الله تعالى، فهو وحده علام الغيوب، وقد قال تعالى:

{هَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا تَأْوِيلَهُ يَوْمَ يَأْتِي تَأْوِيلُهُ يَقُولُ الَّذِينَ نَسُوهُ مِنْ قَبْلُ قَدْ جَاءَتْ رُسُلُ رَبِّنَا بِالْحَقِّ فَهَلْ لَنَا مِنْ شُفَعَاءَ فَيَشْفَعُوا لَنَا أَوْ نُرَدُّ فَنَعْمَلَ غَيْرَ الَّذِي كُنَّا نَعْمَلُ قَدْ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ وَضَلَّ عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَفْتَرُونَ} [الأعراف: ٥٣].

هذا نظر العلماء في العبارات التي وردت في القرآن والسنة توهم التشبيه والذي ينتهي إليه النظر هو ما يأتي:

<<  <  ج: ص:  >  >>