للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومعنى تجري بأعيننا أنها تجري بالمكان المحوط بالكلاءة والعناية والحفظ والرعاية، يقال فلان بمرأى من الملك ومسمع، إذا كان بحيث تحوطه عنايته، وتكتنفه رعايته.

"وفي كلام المحققين من علماء البيان أن قولنا: الاستواء مجاز عن الاستيلاء، واليد واليمين عن القدرة، والعين عن البصر، ونحو ذلك، إنما هو لنفي وهم التشبيه والتجسيم، فهي تمثيلات وتصويرات للمعاني العقلية".

هذا موقف العلماء من رأي السلف، وبيان رأي الخلف.

والغزالي يتجه إلى أن رأي السلف هو التفسير بالمجاز ولا يعتبر ذلك إخراجًا للفظ عن معناه الظاهر، بل إنه رضى الله عنه يميل إلى أن الظاهر هو هذا المجاز الواضح وينقل الشيخ نصًّا للإمام الغزالي من كتابه "إلجام العوام عن علم الكلام" ثم يقول، ونرى أن الغزالي لا يرى أن السلف فوضوا تفويضًا مطلقًا ابتداء ولا فسروا الألفاظ بظواهرها، بل إنه يبين المعاني المستحيلة على الله تعالى التي تتنافى مع التقديس وتنزيه الذات العلية عن مشابهة الحوادث، ويمنع العامي الذي تخفى عليه المعاني المجازية من أن يخوض، ولكن يفتح الباب لذوىِ الأفهام، ويقرر أن هذه المعاني إذا خفيت على العامي، أو دقت عن مداركه، فإنها لا تخفى على الرسول ولا سائر الأنبياء ولا الصديقين أي أهل المعرفة والإدراك الصحيح، ويقرب المعاني التي تتفق مع التقديس تقريبًا يدركه طلاب الحقيقة.

وإذا كان ابن الجوزي قد نفى أن يكون مذهب السلف هو التفسير بظواهر الألفاظ، تفسيرًا لا يتفق مع التشبيه فالغزالي قد قرر أن السلف فهموا المعاني المجازبة، وقرر أن الذين لا يفهمون هذه المعاني التنزيهية عليهم أن يفوضوا ولا يخوضوا، وقال لهم: "ليس هذا بعشك فادرجي".

ويهذا يكون قد قسم الناس قسمين:

<<  <  ج: ص:  >  >>