للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وفي الحق أن بعض السلف توقفوا ولم يفسروا لا بالظاهر ولا بالمؤول، وهذا ينطبق على قراءة الوقف في قوله تعالى: {وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ} [آل عمران: ٧]. ويكون قوله تعالى: من بعد ذلك: {وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ} [آل عمران: ٧] يطلقون الإيمان إطلاقًا، ويفوضون الأمر تفويضًا.

وبعض السلف كانوا يفسرون بالمجاز المشهور الواضح، وهو إطلاق اليد بمعنى القدرة أو النعمة ونحو ذلك، ولا يعد ذلك تأويلًا، بل هو تفسير، لأن التأويل لا يكون باستعمال المجاز المشهور، إذ الاستعمال في المجاز المشهور أخذ للفظ بظاهره، لا بما وراء الظاهر.

ولقد قرر سعد الدين التفتازاني أنه إذا كان النص لا يحتمل إلا مجازًا واحدًا وجب الأخذ به، لأن ذلك يكاد يكون هو المتبادر، إذ تعين المعنى المجازي.

ويظهر أنه يرجح مسلك التفسير، فقد قال في "شرح المقاصد" "ومنها ما ورد به ظاهر الشرع وامتنع حمله على معانيه الحقيقية مثل الاستواء- في قوله تعالى:

{الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى} [طه: ٥].

واليد في قوله تعالى: {يَدُ اللَّهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ} [الفتح: ١٠].

والعين في قوله تعالى: {وَلِتُصْنَعَ عَلَى عَيْنِي} [طه: ٣٩].

وقوله تعالى: {تَجْرِي بِأَعْيُنِنَا} [القمر: ١٤].

عند الجمهور إنها مجازات:

فالاستواء مجاز عن الاستيلاء، وتصوير لعظمة الله تعالى.

واليد مجاز عن القدرة.

والوجه عن الوجود.

والعين عن البصر.

<<  <  ج: ص:  >  >>