للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حكمه وصائب رأيه، كما نجد أن المسألة قد كررت في صورة مكبرة حين جاء الأستاذ طنطاوي جوهري- فملأ تفسيره الضخم بمئات المسائل العلمية التي تتحدث عن مظاهر الكون حديث الكيميائي والطبيعي والفلكي والجغرافي والنباتي، فهو ينتهز كلمة عابرة كالرعد أو الأرض أو النحل أو النمل ليفيض في دقائق علمية تعرض خواص هذه الأشياء دون أن تدعو إليها حاجة التفسير المعقول للكتاب الكريم! ، ولقد سُجل رد الشيخ رشيد على الإمامين الرازي وطنطاوي جوهري رحمهما الله تلميحًا في مقدمة الجزء الأول من التفسير، وتصريحًا في مجلة المنار (١) حيث يقول من حديث طويل: (ثم توسع المؤلف -يعني الشيخ طنطاوي جوهري- في هذا التفسير الذي يرجو أن يجذب طلاب فهم القرآن إلى العلم، ومحبي العلم إلى هدي القرآن في الجملة، والإقناع بأنه يحث على العلم لا كما يدعى الجامدون من تحريمه له، أو صده عنه، فهو لم يعن تبيان معاني الآيات كلها، وما فيها من الهدى والأحكام بقدر ما عني من سرد المسائل العلمية وأسرار الكون وعجائبه، ولا يمكن أن يقال: إن كل ما أورده فيه يصح أن يسمى تفسيرًا له، ولا أنه مراد الله تعالى من آياته، وما أظن أنه هو يعتقد هذا). وإن ما وجه إلى المتبحرين في مسائل الفلسفة والعلم لأدنى مناسبة واهية كالفخر الرازي والشيخ طنطاوي جوهري من ناحية، والى المتكلفين أوجه التأويل عن طريق الكناية والمجاز من ناحية ثانية، ليدعونا دعوة صادقة إلى أن نتجنب كل خطأ وقع فيه أولئك وهؤلاء حتى يكون التفسير المنتظر صائب النظر صادق الإقناع، فيشفي النفوس المريضة ويرشد الأبصار الحائرة ويدعو إلى صراط مستقيم).

ونحن مع الأستاذ فيما ذهب إليه من أن التفسير لا ينبغي أن يؤخذ على علاته أو يزاوله كل أحد، نمثل لهذا بكتاب (الآيات الكونية) للأستاذ حنفي أحمد الذي سنناقشه في المبحث الآتي.


(١) مجلة المنار شعبان سنة ١٣٤٨ هـ.

<<  <  ج: ص:  >  >>