للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

هذا المقال، وقد التفت المرحوم الأستاذ مصطفى صادق الرافعي إلى هذه الناحية من الإعجاز العلمي، فأيد ما ذهب إليه العالم التركي مختار باشا في كتابه (سرائر القرآن)، ونقل قدرًا منه في الجزء الثاني من تاريخ آداب العرب (١) ثم قال الرافعى (٢):

(ولعل متحققًا لهذه العلوم الحديثة لو تدبر القرآن الكريم وأحكم النظر فيه، وكان بحيث لا تعوزه أداة الفهم ولا يلتوي عليه أمر من أمره، لاستخرج منه إشارات كثيرة تومئ إلى حقائق العلوم وإن لم تبسط أنباءها، وتدل عليها وإن لم تسمها بأسمائها، بلى، وإن في هذه العلوم الحديثة على اختلافها لعونًا على تفسير بعض معاني القرآن والكشف عن حقائقه، وإن فيها لجامًا ودربة لمن يتعاطى ذلك، يحكم بها من الصواب ناحية، ويحرز من الرأي جانبًا، وهي تفتق له الذهن، وتواتيه بالمعرفة الصحيحة على ما يأخذ فيه، وتخرج له البرهان وإن كان في طبقات الأرض وتنزل عليه الحجة وإن كانت في طبقات السماء! ! ).

ومما يدور حول هذه المعاني ما كتبه الأستاذ الأكبر المراغي في مقدمة كتاب (الإسلام والطب الحديث) لعبد العزيز إسماعيل وكنت أوثر أن أنقل بعض حديثه لولا أنه ليس تحت يدي الآن.

على أن هذه الدعوى المخلصة إلى النظر في كتاب الله على ضوء من العلم الحديث يجب أن ننتفع انتفاعًا واعيًا بما اصطدمت به عند التطبيقات الأولى في الغابر والحاضر من أخطاء لنحيد عنها في دورها التطبيقي الجديد، فنحن نجد أن تفسير الفخر الرازي قد أثقل إثقالًا بالآراء الكونية والعلمية التي فاض بها القرن الخامس من الهجرة فجاء في كثير من صفحاته بعيدًا عن الجو القرآني حتى قال فيه بعض الباحثين: إنه يجمع كل شيء غير التفسير! ! وأنا أعتقد أن الرازي قد كتبه لخاصة تلاميذه فأتخمه إتخامًا حال دون ازدهاره بالقياس إلى غيره. على جودة


(١) ص ١٢٧ ط سنة ١٩٥٣.
(٢) ص ١٢٥ ط ٣ سنة ١٩٥٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>