فمثلًا: من الصفاقة المضحكة ما يقوله من أن عصابة الماسون بعد الجيل الثالث، حرفوا معاني القرآن، ووضعوا الأشعار، ودونوا الأحاديث المكذوبة، ووضعوا المعجمات وقد بقي هذا الانحراف وتلقته الأمة جيلًا بعد جيل. إذًا الأحاديث مكذوبة! ومعاني الشعر مصطنعة! والمعجمات كلها بنيت على الخطأ والتحريف منذ الأساس! ويلزم من هذا بالطبع، أن معاني الكلمات التي تعارفنا عليها إنما هي من وضع الماسونية! فلو جاء أحد قبل ألف سنة يخاطبنا، ما كنا لنفهم حديثه. فليس معنى (رجل)، هو ما تعارفنا عليه من أنه البالغ أشده من ذكور بني آدم! . وهكذا يقال في (المرآة) و (الكتاب) و (القرآن). هكذا معنى رسالة الفتح. فقد يكون معناها الأساسي مثلًا:(دهاليز التخريف) أو (جهالات أحمق). الكاتب وحده إذًا هو الذي يعرف معاني الكلمات.
وهل يدعي أحد أن معاني اللغة كلها محرفة غير صحيحة، اللهم إلا أن يكون مأفونًا. ثم أليست اللغة، وهي -وسيلة التخاطب بين الناس- قوالب من الألفاظ لها معانيها، وهذه القوالب التي حفظها القرآن وأشعار العرب، لا زالت كما هي فقهًا وبلاغة ووضعًا، وإذا كانت معاني اللغة كلها محرفة غير صحيحة، فليست هناك إذًا حقيقة من الحقائق، إذ لا يمكن أن يثبت شيء.
ويمضي الكاتب في ترهاته التي لا تستدعي الإشفاق عليه إلّا بقدر ما تستدعي الضحك منه، يعرض نماذج من ذلك الجهل المركب، فهو يزعم أن كلمة (بقرة) التي وردت في سورة يوسف، في رؤيا الملك {سَبْعَ بَقَرَاتٍ سِمَانٍ يَأْكُلُهُنَّ سَبْعٌ عِجَافٌ}[يوسف: ٤٣] معناها الطير، ولكنها حرفت في الجيل الثالث، واصطلح الناس على هذا التحريف إلى يومنا هذا. وحجته أن البقر لا يأكل بعضه بعضًا، أما الطير فذلك فيه ممكن أما بقرة بني إسرائيل التي أمروا بذبحها، فهي عنده (دجاجة). هذا العلم الذي وصل للمؤلف أراد أن يبرهن عليه بأن البقر لا يأكل