للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بعضه، ونسي أنها رؤيا، ولم يهده الله إلى "سورة الأنعام" التي ذكر فيها البقر بجانب الإبل تارة والغنم تارة أخرى، وذلك في قول الله: {وَمِنَ الْإِبِلِ اثْنَيْنِ وَمِنَ الْبَقَرِ اثْنَيْنِ} [الأنعام: ١٤٤] وقوله في شأن اليهود {وَمِنَ الْبَقَرِ وَالْغَنَمِ حَرَّمْنَا عَلَيْهِمْ شُحُومَهُمَا إِلَّا مَا حَمَلَتْ ظُهُورُهُمَا أَوِ الْحَوَايَا أَوْ مَا اخْتَلَطَ بِعَظْمٍ} [الأنعام: ١٤٦] أفيفسر البقر هنا بالطائر كذلك، وذلك لا يستقيم أبدًا؟ اللهم إلا أن أراد بالإبل الحمام، وبالغنم العصافير، وذلك أمر ليس بعيدًا عنه.

ولم يكتف المؤلف بإنكار حقائق اللغة، بل يتجاوز ذلك إلى إنكار الأشخاص. فهو حينما يذكر الصحاح و (لسان العرب) يقول: (ولمن سموه بابن منظور).

وماذا بقي إذًا، إذا لم يكن هناك حقائق لغوية وتاريخية من السهل أن يدعي كل واحد أنه ليس هناك من يسمى بـ (عمر بن الخطاب) أو (بالرشيد) أو (بقطز) أو (بصلاح الدين).

وكما أنكر اللغة والأشخاص، فإنه أراد كذلك أن يهدم الآثار التاريخية كلها. وذلك حينما زعم أن قبيلة ثمود التي أرسل لها صالح عليه السلام، كانت مساكنهم بلاد النوبة جنوب مصر، وقد ورثهم الفراعنة الذين فجروا الذرة، وشقوا مجرى النيل، مع أن الثابت أن مساكن ثمود كانت في الحجر بين بلاد الشام والحجاز، وثبت أن الرسول عليه وآله الصلاة والسلام، حدث صحابته بذلك وهو في طريقه إلى تبوك، وطلب منهم أن يجدوا في السير. فقد روى البخاري عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: لما مر النبي - صلى الله عليه وسلم - بالحجر قال: (لا تدخلوا مساكن الذين ظلموا أنفسهم، أن يصيبكم ما أصابهم إلا أن تكونوا باكين) ثم قنع رأسه وأسرع السير حتى جاز الوادي) (١).


(١) فتح الباري جـ ٩ ص ١٨٩ طبعة الحلبي وكذلك أخرجه مسلم -في كتاب الزهد- والإمام أحمد في مسند عبد الله بن عمر رضي الله عنهما جـ ٢ ص ٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>