للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وبخاصة من يعرفون بأصحاب (الداروينية الحديثة)، فإن آخرين ردوا كذلك جزءها الأول، ووجهوا لذلك نقدهم اللاذع، وأبطلوا بالعلم كثيرًا من نتائجه التي توصل إليها. وليس هذا المجال مجال حديث عن نظرية داروين، كل ما أريد أن أقوله هنا أنه لا يجوز أبدًا أن نجعل هذه النظرية أصلًا (١)، ننطلق منه، لنؤول آيات القرآن الحكيم. وفي القرآن حل لكل المشكلات المستعصية كما يعترف المؤلف لكن إذا كانت مشكلات ولدتها الحقائق العلمية الثابتة.

والتشابه بين المخلوقات في بعض الأمور، ليس دليلًا على أنها من عائلة واحدة وإلا فكيف يفسر: أن ما بين الإنسان وبين القرود العليا من تشابه، أكثر مما بين القرود أنفسها؟ وكيف تفسر: عدم استطاعة هذه الفئة العليا من القرود كما يقولون أن تتكلم، وهلا أجريت عملية لبتر هذا الغشاء الذي يحول بينها وبين التكلم. القرآن يحل ذلك كله، والله تعالى يقول: {رَبُّنَا الَّذِي أَعْطَى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ ثُمَّ هَدَى} [طه: ٥٠]، {مَا تَرَى فِي خَلْقِ الرَّحْمَنِ مِنْ تَفَاوُتٍ} [الملك: ٣].

وينطلق المؤلف من هذه التقريرات التي بنيت على الأوهام ليقحم القرآن إقحامًا لا يليق به، ويؤول الآيات تأويلًا تنفر عنه روعة البيان القرآني والوحدة الموضوعية في كتاب الله، لا في السورة فحسب بل في الآية نفسها، (والقرآن يقدم المسائل العلمية) كما يقول، (لا كما يعرضها آينشتاين)، وإنما يقدمها بالإشارة والرمز والمجاز والاستعارة. وقد يفوت فهمها على المعاصرين، ولكن التاريخ والمستقبل سوف يشرحها فيما بعد) (٢) ويستدل لذلك من القرآن بقوله تعالى: {وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ} وهذا يثبت أنه ليس للكاتب صلة بالثقافة الدينية، وبفهم الكتاب والسنة، فإن هذه الجملة القرآنية لا تدل على ما أراد، بل هي حديث عن المتشابه {فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاءَ تَأْوِيلِهِ وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ


(١) راجع كتابنا: القصص القرآني صدق حدث وسمو هدف.
(٢) ص ٤٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>