للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إِلَّا اللَّهُ} [آل عمران: ٧]. فلا يجوز إذن أن نطلق العبارات جزافًا، ونقول: الله يقول عن كلامه كذا.

ومن الآيات التي يستدل بها المؤلف على مدعاه، قول الله تعالى: {ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا بَيَانَهُ} [القيامة: ١٩] أي أنه سوف يشرحه ويبينه في مستقبل الأعصر والدهور (١) ما أبعد هذا عما ترشد إليه الآية من غير تكلف، ولا أدري كيف ساغ المؤلف مثل هذا الفهم، والآية واحدة من مقطع قرآني فيبه الإشفاق على الرسول الكريم، وفيه الوعد الذي لا بد أن يتحقق. إنها مجموعة أفضال ومنن من الله على مصطفاه: {لَا تُحَرِّكْ بِهِ لِسَانَكَ لِتَعْجَلَ بِهِ (١٦) إِنَّ عَلَيْنَا جَمْعَهُ وَقُرْآنَهُ (١٧) فَإِذَا قَرَأْنَاهُ فَاتَّبِعْ قُرْآنَهُ (١٨) ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا بَيَانَهُ} [القيامة: ١٦ - ١٩] أيمكن أن نقطع الروابط بين هذه الآيات، لنأخذ الأخيرة منها على حدة، فنؤولها هذا التأويل ونحن نتلمّس علاقة ووشيجة للتشابه بين الأجناس لنقول بوحدة أصلها فما بالنا نمحو ذلك كله في الوحدة الموضوعية لكتاب الله، إن هذا لشيء عجيب! .

ويبدأ المؤلف بتطبيق منهجه الذي رسمه على الآيات القرآنية، فيقول في تفسير قوله تعالى: {وَالْقَمَرَ قَدَّرْنَاهُ مَنَازِلَ حَتَّى عَادَ كَالْعُرْجُونِ الْقَدِيمِ} [يس: ٣٩]، (والعرجون هو فرع النخل القديم اليابس لا خضرة فيه ولا ماء ولا حياة وهو تشبيه حرفي للقمر الذي لا خضرة فيه ولا ماء ولا حياة) (٢).

وإذا كان تشبيهًا حرفيًا بهذا المعنى الذي قصده، فلقد فاته أن يوفق بين درجة الحرارة في العرجون وفي القمر.

ويمعن المؤلف في الإغراب رادًا أقوال أئمة التفسير، حينما يعرض لقول الله تعالى: {وَتَرَى الْجِبَال تَحْسَبُهَا جَامِدَةً وَهِيَ تَمُرُّ مَرَّ السَّحَابِ} [النمل: ٨٨]. فهو يرى أن القرآن هنا يقدم فكرة الحركة الخفية من وراء السكون الظاهر: (وتشبيه الجبل


(١) ص ٤٩.
(٢) ص ٥٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>