وجودًا سابقًا على وجودنا هذا أما الشجرة فيرى أنها (رمز للجنس) والموت اللذين تلازما في قصة البيولوجيا) (١) وأكرر هنا أن النظرية التي جعلها أصلًا ليطابقه القرآن، إنما هي نظرية أبى العلم أن يمنحها هويته، لتدخل في نطاقه. والآيات التي ذكرها حينما ننعم النظر فيها، نجدها بعيدة عن المعنى الذي أراده وقصده.
فالآية الأولى {وَلَقَدْ خَلَقْنَاكُمْ ثُمَّ صَوَّرْنَاكُمْ} يرى كثير من المفسرين أن التراخي فيها تراخ رتبي لا زمني، والتراخي في الرتبة من الأساليب التي لا يستطيع أحد أن ينكرها، حتى إن عُدَّ هذا التراخي زمنيًا فإنّ ما قاله المؤلف غير صحيح حينما ذكر أن آدم مر بهذه الأزمنة الطويلة إلى أن تكامل خلقه. وقد يدلّ حرف التراخي على أيام أو ساعات فحسب. وفي القرآن شواهد كثيرة لهذا. وهذه من المغيبات التي لا ينبغي أن نقول فيها بمجرّد الظن.
وأما الآية الثانية {لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ (٤) ثُمَّ رَدَدْنَاهُ أَسْفَلَ سَافِلِينَ} فلقد تجاهل المؤلف ما جاء عقبها {إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ} فالمقصود بالإنسان هنا جنسه (هذا النوع الإنساني) وسواء عددنا الاستثناء منقطعًا أم متصلًا، فإن الآية لا تساعده على ما أراد، وتنفر من تأويله الذي ذهب إليه. وللمفسرين في الآية أقوال وجيهة، فيرى بعضهم: أن معنى {أَسْفَلَ سَافِلِينَ}(الهرم) الذي يدرك بعض الناس مثل قوله تعالى {وَمِنْكُمْ مَنْ يُرَدُّ إِلَى أَرْذَلِ الْعُمُرِ} ويكون معنى الآية: ثم رددناه إلى تلك الحالة التي تغير فيها شكله وقوامه، {إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ}، فإن لهم من الأجر في حال هرمهم، مثل الذي كان لهم في حال الشباب والقوة فيكون الاستثناء متصلًا ويكون (الذين آمنوا)، ممن ردوا إلى أسفل سافلين، إذا أدركهم الهرم. ويرى بعضهم أن (أسفل سافلين)، إنما هي الدركات من العذاب يوم القيامة. فيكون المعنى، لقد خلقنا الإنسان في أحسن تقويم، ولكننا رددناه إلى جهنم لما كفر وأعرض، لكن الذين آمنوا وعملوا الصالحات لهم أجر عظيم،