- كما يقول - أنه يكره الخمر والعسل، وهذا لا نعتقده مسوغًا حقيقيًّا، ولن نناقشه فيه، ولكن المهم عندنا أنه يقول:(إن هذا مثل وليس حقيقة) ونسي أن المثل هذا ليس هو الذي شبه مضربه بمورده، وإنما المقصود بالمثل هنا: الحال والصفة. فكأن الله يقول:(صفة الجنة التي وعدها المتقون) وحالها وشأنها كذا وكذا). وأما ما قاله المؤلف من أن هذا ما يناسب البدوي في الصحراء، فإن القرآن أنزل للناس جميعا على مدى العصور. وهل يجد إنسان القرن العشرين، خيرًا من هذا متعة للنفس وللجسم، والعجيب أنه يضرب مثلًا لهذا بسؤال الطفل عن اللذة الجنسية، فيقال له: إنها شيء مثل السكر، مع ما بينهما من فرق عظيم، وما أعظم الفرق كذلك، بين ما حكاه القرآن، وبين ما مثل به هو، والقرآن حق.
ويستدلّ بقوله تعالى:{ذَلِكَ يُخَوِّفُ اللَّهُ بِهِ عِبَادَهُ}[الزمر: ١٦]، على أن المقصود من هذه الأخبار، إنما هو التخويف ليس إلا، ولكن: يا ترى كان تخويفًا يقصد منه التهويل فحسب، أم أن هناك تخويفًا لا يخرج عن الحقيقة، حتى في حياتنا هذه؟ . ولعل الآية تفسر نفسها:{لَهُمْ مِنْ فَوْقِهِمْ ظُلَلٌ مِنَ النَّارِ وَمِنْ تَحْتِهِمْ ظُلَلٌ ذَلِكَ يُخَوِّفُ اللَّهُ بِهِ عِبَادَهُ يَاعِبَادِ فَاتَّقُونِ}[الزمر: ١٦] وهكذا شأن عباد الله يرجون رحمته، ويخافون عذابه، وما أبعد ما ضربه مثلًا، من قول الرجل لطفله: نظف أسنانك حتى لا تأكلها الفئران. فإن مثل هذا القول، لا يجيزه الشرع ولا علماء التربية المحدثون. أما الإسلام، فإنه لا يجيزه بحال من الأحوال لأنه كذب، فكيف يصح أن نقول: إن آيات القرآن هي من هذا القبيل، والرسول عليه وآله الصلاة والسلام علمنا وهو المربي الأول أن ننشئ أطفالنا على الصدق. فها هو يقول للمرأة التي قالت لولدها:(تعال أعطك) أما أنك لو لم تعطه شيئًا لكتبت عليك كذبة) (١). فكيف ينهانا الرسول - صلى الله عليه وسلم - عن مثل هذا مع أطفالنا، ثم نقول إن آيات القرآن إنما هي من هذا القبيل؟ !