للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وآية أخرى يستدل بها المؤلف على ما ذهب إليه وما ارتآه (فكل الغاية هي تقريب تلك المعاني المستحيلة بقدر الإمكان. وكل ما جاء عن الجنة والجحيم ما هو إلا ألوان من ضرب المثال، وألوان من التقريب وألوان من الرمز) (١)، {إِنَّ اللَّهَ لَا يَسْتَحْيِي أَنْ يَضْرِبَ مَثَلًا مَا بَعُوضَةً فَمَا فَوْقَهَا} [البقرة: ٢٦]. وما أبعد هذه الآية عن الموطن الذي أرادها فيه. لقد نزلت ردًّا على هؤلاء الذين أرادوا أن ينالوا من القرآن، وهو يضرب العنكبوت والذباب مثلًا، ولكنها عادته هداه الله وسامحه.

ومثل هذا قوله: إن العذاب في الشخص في المكان، مستدلًا بقول الله تعالى: {رَبَّنَا هَؤُلَاءِ أَضَلُّونَا فَآتِهِمْ عَذَابًا ضِعْفًا مِنَ النَّارِ قَال لِكُلٍّ ضِعْفٌ وَلَكِنْ لَا تَعْلَمُونَ} [الأعراف: ٣٨] إن أمامنا اثنين يتعذب الواحد منهما ضعف الآخر، مع أنهما في نفس المكان. ومعنى هذا أن العذاب في الشخص وليس في المكان ذاته) (٢).

والآية كما ينبئ عن معناها سياقها ولفظها - والله أعلم بمراده - إنه حينما يدخلها مستحقوها تقول أخراهم لأولاهم، أي من أجلهم فاللام للتعليل لا للتبليغ {رَبَّنَا هَؤُلَاءِ أَضَلُّونَا} يقول هؤلاء الأتباع المستضعفون، عن المتبوعين المستكبرين إنهم سبب ضلالهم، فهم يستحقون ضعفين من العذاب لأن لهم جريمتين اثنتين:

١ - جريمة الضلال.

٢ - جريمة الإضلال.

إنهم ضلوا وأضلوا، ولكن الله يقول لهؤلاء المستضعفين {لِكُلٍّ ضِعْفٌ} فكما ضل هؤلاء وأضلوا فهما جريمتان اثنتان، فأنتم كذلك لكم جريمتان:

١ - جريمة الضلال.

٢ - وجريمة الاستضعاف والرضا بالذل.


(١) ص ٦٦.
(٢) ص ٧٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>