قد يأخذني به الناس من تلك النظرات، لأني كنت حينئذ طاهر النية أمام الله، فلا يخجلني أن أتمتع متاعًا ظاهرًا بجمال فتاة لا تكاد تبلغ الرابعة عشرة)، ثم يخاطب قسًا كان يجلس بجانبه، وهو يقرأ كتابًا صامتًا متعبدًا (ليت شعري أي العبادات كانت إلى الله أقرب يا صاحبي القس؟ أعبادة رجل يرى الله في الكتاب؟ أم عبادة من كان يعجب بالمصور الأكبر في صورة بديعة صوّرها)؟ ! .
إنه الاستهتار بالقيم، وإنه الضعف أمام الفتن والمغريات، وإنه الخداع الذي يحاول فيه أحدهم أن يتقمص أكثر من شخصية واحدة، ولكن نقول لمثل هؤلاء: إن الله الذي يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور، لا ينهى عن الشيء إلا وهو يعلم مغبة ضرره، وما يحدثه من قلق واضطراب داخل النفس وخارجها. إن النظرة سهم من سهام الشيطان، لا بد وأن يفتك بصاحبه، ونحن في واقعنا المشاهد، نرى أنه قد دمرت بيوت، وهدمت أسر، وانتهكت أعراض وحرمات، كل ذلك من جراء نظرة جموح رعناء، ملكت صاحبها فجعلته أسير الشهوة والشر، يسلم زمامه للشيطان. لقد أمرنا الله ورسوله - صلى الله عليه وسلم - أن نتجنب كل هذه المزالق {فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ}[النور: ٦٣].
وهكذا يستمر المؤلف في الفصول اللاحقة، يبتر آية حينًا، ويكثر من نقل الإسرائيليات حينًا، وتارة ثالثة يهرع لتأويلات المتصوفة، مع أنه يعيب على البهائية تأويلهم لآيات القرآن، ويرى أنه لا بد أن يفسر القرآن تفسيرًا، لا يخرج اللفظ عن مدلوله اللغوي، وليته التزم هذا. إن الرجل لا يملك عدة المفسر، مع أننا ندرك من خلال كلماته أنه يحاول الفهم. قال لي قائل وأنا أكتب هذا الفصل: ينبغي أن يشجع مثل هذا، ألا تكفي هذه النقلة العظيمة التي انتقلها من الكفر إلى الإيمان فكفّر عن خطيئته؟ ، قلت: إذا كان الرجل صادق التوبة - وهذا ما أرجوه له، وما اقتنع به - فإنه لا يضره كلمة حق تقال له، بل ينبغي أن برحب بها. ذلك أنه ليس هناك مجاملة على حساب الدين، ورحم الله عمر وقد سجل التاريخ له صلابته في