بعضهم حظًّا وقوة من الاستنباط العقلي أمثال عبد الله بن عباس، وأُبي بن كعب وغيرهم .. وقد كان الخلاف في التفسير بينهم قليلًا، وإن كان فهو اختلاف تنوع لا تضاد.
أما مصادر التفسير عندهم فهي: اللغة والقرآن الكريم والسنة والاجتهاد والإسرائيليات.
وهو يرى أن الرسول - صلى الله عليه وسلم - قد وجه الصحابة إلى كيفية التعامل مع التوراة، فقد نهاهم في البداية عن قراءة التوراة خوفًا من الخلط والتشويه والتشكيك، ثم لما رسخ الإسلام، لم يعد يخاف عليهم الرسول - صلى الله عليه وسلم - فقال:(لا تصدقوا أهل الكتاب ولا تكذبوهم) ثم لمَّا تكامل نزول الآيات، لم يبق حرج في الاطلاع فقال:(بلغوا عني ولو آية وحدثوا عن بني إسرائيل ولا حرج)(١).
لقد تمخضت عن جهود الصحابة الكرام في تفسير القرآن مدارس تفسيرية كبرى، تتلمذ فيها كبار التابعين وهي مدرسة مكة التي أسسها عبد الله بن عباس ومدرسة المدينة وأسسها أبيّ بن كعب، ومدرسة الكوفة التي أسسها عبد الله بن مسعود .. ومع أن التابعين أخذوا علومهم عن الصحابة، لكن تفسيرهم لم يرق إلى تفسير الصحابة، ويقول: إن تفسير التابعين ليس حجة؛ لأنهم زادوا على تفسيرات الصحابة فيما يتعلق بالكلمة والتركيب وسبب النزول.
أما المبحث الثالث فكان لحركة تدوين التفسير فقد كان التفسير جزءًا من الحديث، ولقد بدأ التدوين بالانتشار المحدود كلما ابتعد الناس عن زمن النبي - صلى الله عليه وسلم -، وقد دونت السنّة النبوية نتيجة كثرة الوضع على الرسول - صلى الله عليه وسلم -، على أن تدوين التفسير بدأت تتميز ملامحه في عصر التابعين، وفي العصر العباسي الأول بدأ العلماء بتأليف التفسير، فقد وصلنا تفسير يحيى بن سلام، ومنها تفسير ابن جرير
(١) وهذا كلام بعيد، فإن الإسرائليليات لم تكن مصدرًا من مصادر التفسير في عهد الصحابة رضوان الله عليهم وقد ناقشت هذه القضية مرارًا في هذا الكتاب.