العرابية سنة ١٨٨٢ م فإن الإخوان المصريين والمهاجرين الذين جاءوا إلى سورية، قابلهم إخوانهم بالترحيب العظيم، ودعوهم إلى محافلهم ومنازلهم، وكان الأفاضل الشيخ محمد عبده وإبراهيم بك اللقاني وحسن بك الشمسي، وجماعة المرحوم السيد جمال الدين الأفغاني وغيرهم، يحضرون معنا في محفل لبنان ويخطبون، فيشنفون أسماع السوريين بخطبهم النفيسة وأحاديثهم الطليّة. ونال الأستاذ محمد عبده رتبة البلح والصدف، من المندوبّ الأمريكي الذي حضر إلى محفل لبنان).
ومما يؤكّد أن الأستاذ كان يسعى إلى تقريب الإسلام من الحضارة الغربية ما سبق من نصوص ومما يؤكد ويزيد ذلك أن الشيخ رشيد رضا - وهو أكثر تلاميذ محمد عبده محبة له - قد أيّدها في كنابه (تاريخ الأستاذ الإمام). ومهما يكن من أمر في حقيقة حركة محمد عبده فمن الواضح في آثاره الأدبية - وأكثرها مقالات صحيفة - أنها تنقسم إلى قسمين ظاهرين:
اتجه في أحدهما إلى تدعيم الدعوة للجامعة الإسلامية، بينما اتجه في القسم الثاني إلى تقريب الإسلام من الحضارة الغربية والتفكير الغربي الحديث).
وقد زاد عن حد المألوف بعضهم حين قال: كان عبده أول - أو من أول - من أحيا الرابطة الوطنية، وأنكر الحكم الديني، وأسس جمعيات تقارب الأديان، وكان تلامذته مثل سعد زغلول وقاسم أمين وعلي عبد الرازق معاول هدم لركائز الحياة الإسلامية. وإحلال التصورات، والقيم الصليبية في ديار المسلمين، بل ورفعها إلى مكانة الصدارة) (١).
هذه بعض الآراء التي قيلت في الشيخ - رحمه الله - وقد ذكرها أصحابها بتجرد دون قصد الإساءة من يخالفهم الفهم والفكر، ولكننا وجدنا في هذه الأيام من يحاول تصيُّد الأقوال والآراء ليبني عليها أسوارًا من سوء الظن بأئمة الإسلام، وهو