للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

جبريل "الإيمان أن تؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر وتؤمن بالقدر خيره وشره" (١). ولقد ورد في القرآن مثل قول الله {عَلَيْهَا مَلَائِكَةٌ غِلَاظٌ شِدَادٌ} [التحريم: ٧] {وَكَمْ مِنْ مَلَكٍ فِي السَّمَاوَاتِ لَا تُغْنِي شَفَاعَتُهُمْ شَيْئًا} [النجم: ٢٦]، {اللَّهُ يَصْطَفِي مِنَ الْمَلَائِكَةِ رُسُلًا وَمِنَ النَّاسِ} [الحج: ٧٥] وفي السنة المطهرة عن تعاقب الملائكة بالليل والنهار (٢). والنصوص أكثر من أن تحصى وكلها لا تساعد، بل لا تسمح بأن يطلق على الملائكة معنى القوى الطبيعية.

كما لا تسمح أن يحظى منكر الملائكة ولو للتسمية فقط، بما يحظى به المسلمون فضلًا على المؤمنين. ولقد كان جبريل عليه السلام يتمثل أحيانًا بصفة إنسان، كما مر في الحديث السابق، وكان رسول الله عليه وآله الصلاة والسلام يراه أحيانًا في صورته الحقيقية.

ولا أود أن أسترسل فلقد كان تأويل الأستاذ بدعًا من التأويل، لما فيه من الخروج البين عن ظاهر الألفاظ من الآيات، بهذا المسلك، الذي ينم عن مدى تأثر الأستاذ بالحضارة الغربية التي لا تؤمن إلا بما هو في دائرة الحس، ومع مخالفتنا الشديدة للأستاذ الإمام، إلا أننا لا نرى سبيلًا أمامنا إلا إحسان الظن به، ولا نرضى الطعن فيه، وقد جاوز الدكتور فهد الرومي حدود المنطق والعقل حين قال: ماذا يريد الشيخ محمد عبده بهذا التأويل، وهذا المفهوم؟ هل يريد أن يؤكد لنا مرة أخرى تكذيبه للقرآن الكريم كما كذب قصصه بحملها على التمثيل لا على الحقيقة والواقع (٣).

ثم يسترسل بكلام لا يليق بمقام الأستاذ الإمام -رحمه الله- وهذا منزع لا نرضاه، فمن أراد أن يقوم آراء الآخرين، فلا يعتدي على حرمة دينهم ودائرة اعتقادهم.


(١) صحيح مسلم جـ ١ ص ٣٠ - طبعة دار الطباعة العامة ١٣٢٩ هـ، حديث رقم (١).
(٢) صحيح البخاري كتاب المواقيت، باب فضل صلاة العصر، حديث رقم (٥٣٠)، وصحح مسلم في كتاب المساجد، باب فضل صلاتي الصبح العصر، رقم الحديث (٦٣٢).
(٣) اتجاهات التفسير في القرن الرابع عشر (٢/ ٦٢٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>