للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قَوْلًا لَيِّنًا لَعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَى (٤٤)} [طه: ٤٤]. وقد علم أن هذا مقطوع بعدم وقوعه عند الله، ولكن الرجاء فيه متعلق بموسى وهارون أي {قولا له قولًا لينًا} راجين به أن يتذكر أو يخشى لا قولًا غليظًا منفرًا.

وتأتي (لعل) للإشفاق وإفادة التحذير من أمر وقعت أسبابه، فكان بها مظنة الوقوع كقوله تعالى لرسوله صلى الله عليه وآله وسلم: {لَعَلَّكَ بَاخِعٌ نَفْسَكَ} [الشعراء: ٣] وقوله: {فَلَعَلَّكَ تَارِكٌ بَعْضَ مَا يُوحَى إِلَيْكَ وَضَائِقٌ بِهِ صَدْرُكَ} [هود: ١٢].

وعند تفسير قوله تعالى: {وَلَقَدْ ذَرَأْنَا لِجَهَنَّمَ كَثِيرًا مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ لَهُمْ قُلُوبٌ لَا يَفْقَهُونَ بِهَا} [الأعراف: ١٧٩] ينقل أقوال علماء اللغة في معنى (الذرء) (١) ويعقب عليها بقوله: (فإذا تأملت مع هذه الأقوال استعمال القرآن لهذا الحرف في النبات والحيوان والإنسان خاصة، علمت أن الذرء في أصل اللغة، بمعنى خلق ذلك أي إيجاده، كما أن أصل معنى الخلق التقدير، ويسند إلى الله تعالى بمعنى إيجاد الأشياء بتقدير ونظام لا جزافًا، ولهذا عطف الذرء والبدء على الخلق في حديث الدعاء (أعوذ بكلمات الله التامات، من شر ما خلق وذرأ وبرأ) (٢).

وبعد ذلك يفسر المقصود بالقلب، ثم ينتقل إلى توضيح معنى الفقه، فيقول: (أما الفقه فقد فسروه بالعلم بالشيء والفهم له، وكذا بالفطنة، كما في جل المعاجم أو كلها، وقالوا: فقه: (كعلم وفهم وزنًا ومعنى). وقالوا فقه (ككرم وضخم) فقاهة، أي صار الفقه وصفًا وسجية له، وقال الراغب: الفقه هو التوصل بعلم شاهد إلى علم غائب. قال السيوطي بعد نقله: فهو أخص من العلم. وقال ابن الأثير في النهاية: إن اشتقاقه من الشق والفتح، أي هذا


(١) تفسر المنارجـ ٩ ص ٣٨٦.
(٢) مسند أحمد (٣/ ٤١٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>