للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٨ - وبين معنى الإحصان في قوله تعالى {وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ النِّسَاءِ} [النساء: ٢٤] قال: والإحصان من الحصن، وهو المكان المنيع المحمي، ففيه معنى المنع الشديد، ويقال: حصنت المرأة (بضم الصاد) حصنا وحصانة أي عفت فهي حاصن وحاصنة وحصان وحصناء (بالفتح فيهما) قال الشاعر (١):

حصان رزان ما تزن بريبة ... وتصبح غرثى من لحوم الغوافل

ويقال: أحصنت المرأة إذا تزوجت. لأنها تكون في حصن الرجل وحمايته ويقال: أحصنها أهلها إذا زوجوها، ومن شأن المتزوجة أن تحصن نفسها فتكتفى بزوجها عن التطلع إلى الرجال؛ لأجل حاجة الطبيعة، وتحصن زوجها عن التطلع إلى غيرها من النساء، فعلى المرأة المعول في الإحصان. حتى قيل: إن لفظ المحصنة (بفتح الصاد) اسم فاعل نطقت به العرب على خلاف عادتها فقد روى عن ابن الأعرابي أنه قال (كل أفعل اسم فاعله بالكسر إلا ثلاثة أحرف: أحصن، وألفج إذا ذهب ماله، وأسهب إذا كثر كلامه) وروى مثله عن الأزهرى. وعن ثعلب أن المرأة العفيفة يقال لها محصنة (بفتح الصاد) ومحصنة (بكسرها) وأما المرأة المتزوجة فيقال لها: محصنة بالفتح لا غير. وجماهير السلف والخلف، ومنهم أئمة الفقه المشهورون، على أن المراد بالمحصنات ههنا المتزوجات. وقيل: هن الحرائر، وقيل: عام في الحرائر والعفائف والمتزوجات. وقد يقال: هن الحرائر المتزوجات وسيأتي عن الأستاذ الإمام ما يرجحه (٢).

٩ - ومن ذلك بيانه لمعنى المنخنقة والموقوذة. يقول: (قال صاحب القاموس: (خنقه خنقًا (ككتف) وخنقًا فهو خنق أيضًا (أي ككتف) وخنق ومخنوق كنخقه فاختنق. وانخنقت الشاة ننفسها) وقد روى ابن جرير في تفسير المنخنقة أقوالًا


(١) هو حسان بن ثابت في مدح أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها.
(٢) ج ٥، ص ٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>