للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

في سورة المائدة بتن حصر المحرمات في الأربعة الأولى منها. فالمنخنقة بهذا المعنى من قبيل ما مات حتف أنفه من حيث إنه لم يمت بتذكية الإنسان له لأجل أكله، فهي داخلة في عموم الميتة بالمعنى الشرعي الذي بيناه في تفسيرها، وإنما خصها بالذكر؛ لأن بعض العرب في الجاهلية كانوا يأكلونها، ولئلا يشتبه فيها بعض الناس؛ لأن لموتها سببًا معروفًا، وإنما العبرة في الشرع بالتذكية التي تكون بقصد الإنسان لأجل الأكل، حتى يكون واثقًا من صحة البهيمة التي يريد التغذي بها، ولو أراد تعالى بالمنخنقة المخنوقة بفعل الإنسان لعبر بلفظ المخنوقة أو الخنيق؛ لأنه حينئذ يفيد أن الخنق وإن كان ضربًا من التذكية بفعل الفاعل لا يحل، ويفهم منه تحريم المنخنق بالأولى، بل يفهم هذا من لفظ الميتة أيضًا كما تقدم. فالعدول إلى صيغة المنخنقة لا تعقل له حكمة إلا الإشعار بكون المنخنقة في معنى الميتة).

ويقول في معنى (الموقوذة): (وهي التي ضربت بغير محدد حتى انحلت قواها وماتت.

قال في القاموس: الوقذ شدة الضرب. قال شارحه: وفي البصائر للمصنف الموقوذة هي التي تقتل بعصا أو بحجارة لاحد لها فتموت بلا ذكاة أ. هـ. وشاة وقيذ وموقوذة والوقذ أيضًا: الشديد المرض، المشرف على الموت، وما نقله ابن جرير من أقوال مفسري السلف موافق لهذا، وهو أن الوقيذ: ما ضرب بالخشب أو العصا، وكانوا يأكلونها في الجاهلية، والوقذ محرم في الإسلام لأنه تعذيب للحيوان وقد قال - صلى الله عليه وسلم -: (إن الله كتب الإحسان على كل شيء فإذا قتلتم فأحسنوا القتلة وإذا ذبحتهم فأحسنوا الذبحة وليحد أحدكم شفرته وليرح ذبيحته) رواه أحمد ومسلم وأصحاب السنن عن شداد بن أوس فلما كان الوقذ محرمًا حرم ما قتله به، ثم إن الموقوذة تدخل في عموم الميتة الشرعية على الوجه الذي فسرناها به أخذًا من مجموع النصوص، فإنها لم تذك تذكية شرعية

<<  <  ج: ص:  >  >>