٣ - عند تفسيره آية التيمم في سورة النساء {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَقْرَبُوا الصَّلَاةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَى حَتَّى تَعْلَمُوا مَا تَقُولُونَ وَلَا جُنُبًا إِلَّا عَابِرِي سَبِيلٍ حَتَّى تَغْتَسِلُوا وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغَائِطِ أَوْ لَامَسْتُمُ النِّسَاءَ فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا}[النساء: ٤٣] يرى أن التيمم مباح للمسافر مع وجود الماء، وهذا القول لم يسبق إليه، اللهم إلا ما ذكره صديق حسن خان في بعض كتبه، والمعروف أن صديق حسن خان يسير على نهج الشوكاني، يظهر هذا في تفسيره، فهو اختصار لتفسير الشوكاني فتح القدير، ومع أن الشوكاني في السيل الجرَّار لا يرى هذا الرأي والمجمع عليه عند العلماء وأئمة الأمصار وفقهائها أن التيمم إنما يباح عند فقد الماء أو عدم القدرة على استعماله، قال الشيخ الأستاذ الإمام: المعنى أن حكم المريض والمسافر إذا أراد الصلاة كحكم المحدث حدثًا أصغر أو ملامس النساء ولم يجد الماء فعلى كل هؤلاء التيمم فقط.
هذا ما يفهمه القارئ من الآية نفسها إذا لم يكلف نفسه حملها على مذهب من وراء القرآن، يجعلها بالتكلف حجة له منطبقة عليه. وقد طالعت في تفسيرها خمسة وعشرين تفسيرًا، فلم أجد فيها غناء، ولا رأيت قولًا فيها يسلم من التكلف، ثم رجعت إلى المصحف وحده فوجدت المعنى واضحًا جليًّا، فالقرآن أفصح الكلام وأبلغه وأظهره، وهو لا يحتاج عند من يعرف العربية مفرداتها وأساليبها إلى تكلفات فنون النحو وغيره من فنون اللغة، عند حافظي أحكامها من الكتب، مع عدم تحصيل ملكة البلاغة -إلى آخر ما أطال به في الإنكار على المفسرين الذين عدوا الآية مشكلة لأنها لم تنطبق على مذاهبهم انطباقًا ظاهرًا سالمًا من الركاكة، وضعف التأليف والتكرار، التي يتنزه عنها أعلى الكلام وأبلغه. وإذا كان رحمه الله قد راجع خمسة وعشرين تفسيرًا رجاء أن يجد فيها قولًا لا تكلف فيه، فأنا لم أراجع عند كتابة تفسيرها إلا روح المعاني وهو آخر التفاسير المتداولة تأليفًا، وصاحبه واسع الإطلاع فإذا به يقول (الآية من معضلات القرآن) ووالله أن